كنت أراقب أعضاء جماعة عمّان لحوارات المستقبل، ونحن نغادر قصر الحسينية يوم الخميس الماضي، على أثر لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين مع الجماعة ، لأعرف سرَّ التّغيير الذي أصابهم مابين دخول القصر والخروج منه، فقد أحسست أن هناك شيئاً كبيراً تغيّر فيهم، فابتسامة الرّضا والسّكينة صارت تكسو وجه كلّ واحد منهم، وصارت حركات الفرح بادية على طريقة مشيتهم التي صارت خفيفة رشيقة، كأن أصحابها أزاحوا عن ظهورهم أحمالاً ثقيلة، وكذلك صارت الأيدي تنم في حركتها عن حيوية الفرح الذي انعكس لمعاناً في العيون، أما أحاديثهم طوال طريق العودة إلى مقر الجماعة، وفي الأيام التّالية فقد صارت مفعمة بالأمل، وبالتّركيز على ضرورة مضاعفة الجهد والحرص على المزيد من تلاحم الجماعة، والدّقة في عملها، لتكون عند حسن ظن قائد الوطن بها.
بحثت عن سرّ كلّ هذا التّحول الذي طرأ على الزّملاء، فحولهم إلى كتلة من الحماس وأضاء قلوبهم بالفرح والأمل، خلال ساعة من الزّمن، فوجدت أن سرّه بالمتغير الوحيد الذي طرأ على حياتهم في هذه الساعة، والمتمثل بلقائهم مع جلالة الملك عبدالله الثاني، فبمجرد دخول جلالته إلى القاعة التي احتضنت لقاء جلالته مع أعضاء جماعة عمّان لحوارات المستقبل استطاع جلالته بابتسامته العريضة التي تزين وجهه الوضّاء، لأنها ابتسامة نابعة من قلب طيب محب، كسر حالة الرّهبة، واستبدلها بحالة من الألفة والسّكينة، زاد من عمقها تلقائية جلالته، وعفويته، وبساطة كلماته الخارجة من قلبه لتسكن قلوب مستمعيه، فتشحنها بالحب وبالأمل،بمستقبل هذا الوطن، وهو الأمل الذي يبشّر به جلالته المتفائل دائماً بمستقبل الأردن وبانفراج أزمته الاقتصادية، خاصّة في ظل التّطورات التي تجري في المنطقة، وانتهاء أو قرب انتهاء الأزمة لدى الجارين الشّقيقين العراق وسوريا، وهي تطورات يحثّ جلالته أبناء شعبه كلا في موقعه على حسن توظيفها، من خلال الحرص على الاستفادة من الفرص الاقتصادية والمتاحة مع الدول الشقيقة، في سبيل تحسين مستوى معيشة الأردنيين، ورفع سوية الخدمات المقدمة لهم، مما يعني ضرورة تطوير الإدارة العامة والسعي لحل مشكلتي الفقر والبطالة.
ومثلما أنّ دخول جلالته إلى قاعة اللقاء بابتسامته العريضة كسر جو الرّهبة في المكان، واستبداله بأجواء الرّضا والسّكينة، فإن حديث جلالته الذي عكس حجم إلمامة بتفاصيل الحياة اليومية للأردنيين بحلوها ومرّها، وسعي جلالته لإزالة المرار منها، كل ذلك أشاع أجواء من الإيجابية التي بثّها جلالته بالحضور،وحديثه إليهم، وهو الحديث الذي أخذ منحنى الحوار الإيجابي، الذي فتحه جلالة الملك بمداخلاته النّوعية حول طروحات أعضاء جماعة عمّان لحوارات المستقبل، وهم ثلة من الخبراء الذين يجمعون بين أعلى التّخصصات الأكاديمية والخبرات العملية الواسعة، ومما أثرى الحوار وأغناه أسلوب جلالته بالذهاب إلى الهدف مباشرة وبزبدة الكلام، بعيداً عن المطولات والمعلقات، حتى عندما كان جلالته يتحدّث عن تفاصيل صغيرة في حياة المواطنين أو في قضية من القضايا التي كانت محل حوار جلالته مع أعضاء جماعة عمّان لحوارات المستقبل.
ومثلما أن جلالته يذهب في حديثه إلى الهدف مباشرة فإنه كان يضع آليه التّنفيذ والمتابعة، ممّا يُحمِّل من يستمع إليه مسؤولية الإنجاز، وهي المسؤولية التي ابدى أعضاء جماعة عمّان لحوارات المستقبل استعدادهم لتحملها، وفاءً منهم لقائدهم الذي أحدث لقاؤه في نفوسهم كلّ هذا الأثر السّاحر. الرأي
Bilal.tall@yahoo.com