بقلم: فارس الحباشنة
لربما أن الحكاية ليست غريبة على الكرك وأهلها ، ولها سوابق كثيرة. وما حصل للعم فوزي - مصري الجنسية - من هبة شعبية لوقف اجراءات تسفيره بذريعة مخالفة قانون العمل، وهو يقطن في الكرك منذ 50 عاما، ويعمل في محل "دراي كلين" غسيل ملابس.
الكرك مدينة تمنح قاطنيها "هوية"، ولست لأني كركي، ولكن ما وقع للعم فوزي المصري من فزعة وهبة ونخوة ونصرة شعبية لغريب. فلا أذكر بما يروى من حكايا وقصص أن المدينة سجلت ضيماً لأجنبي وغريب وعابر سبيل ، بل أن القدرة أحيانا تفوق المتاح والممكن في نصرة المحتاج وعابر السبيل و الغريب .
حكايا كثيرة تحمل ذات المضامين، ولربما لا يتسع السياق لسردها. وأذكر جيدا أنه في أحداث 89 وثورة الخبز في 96 كان الاهالي يطعمون رجال الامن و البادية، وفي وقتها لم يكن الدرك موجودا عندما دخلوا الى المدينة بعد أحتاجاجات شعبية غاضبة أطاحة بحكومتي زيد الرفاعي"الاب" وعبد الكريم الكباريتي .
واذكر جيدا أنه في ثورة الخبز 96 وقد بقى رجال الامن والبادية لحوالي اسبوعين منتشرين في مركز المدينة وأطرافها كان الاهالي يتناوبون على تقديم الطعام والشراب ، وإكرامهم وتقديرهم كضيوف في محنة عابرة ، وكم تلقى الأردنيون محنا و ضربات موجعة وقاسمة في الرأس.
في ثورة الخبز 96 كنت في الاعدادية، وأذكر جيدا بعض التفاصيل والوقائع والاحداث ، وعندما هب الكركية لحماية مرافق الدولة من العبث و التخريب و التكسير. ومنع وصد مجهولين وعابثين من الحاق الأذاء بمرافق الدولة ، والاساءة الى الاحتجاج الشعبي.
لن أتوقف طويلا عند قصة العم فوزي المصري، و أعلم علم اليقين أن أهل الفزعة لا يرجون شكراً ولا مدحا ولا ثناءً، و لكن ما أود قوله لو أن الدولة وأجهزتها التفتوا الى بقايا القيم ومجسات التحصين الاجتماعي، و لا تتركوا المجال العام عرضة للانهيار والتشقق والتصدع.
العم فوزي المصري لا يريد عطفا أو منة من وزير العمل، ويكفيه حب الكركية له، ويكفيه نخوتهم وفزعتهم لوقف قرار تسفيره. فالعم فوزي طلع هو "مخرب" سوق العمل وهو سبب البطالة في الأردن، وهو مدمر الاقتصاد الأجنبي، وهو سبب ضياع فرص العمل على الأردنيين.
و الله.. لا أريد أن اتحدث طويلاً، لانه قد أصاب قلبي وجعٌ من كثرة الكتابة، وفي مطاردة من اصابهم الفشل والاخفاق، لا يعرفون كيف يكونون أهل قرار ورأي ؟ الحكمة تولد من الإنسان الحر والعاقل ، ولا تكتسب مهما بلغ الإنسان من مقام ومحال.
في مسؤولين ياجماعة فاهمين تطبيق القانون غلط و بـ"الشقلوب" ، ومن يحولون خطأهم في بناء دولة عادلة بتبريرات عمياء، بل أحيانا يفاقمون من الخطأ ويرتكبون جريمة أكبر بحق الوطن. عندما تصدر القرارات بالهمس والوشوشة، عباقرة الادارة الجديدة وحليقي الرؤوس وجماعة الديجتال.
لا أريد الإطالة عليكم، ولكن ثمة ما يستحق أن نسمع لبعضنا البعض، ونستحق أن نحترم قيمنا الاجتماعية والشعبية: الحكيمة والرشيدة، ويميز أهل القرار والرأي ما بين العدل والظلم، وما يجب أن يكون أو لا يكون بروح مستقيمة ومنصفة، واحساسها بالعام شفيع بالوطني والانساني معا .
ولو يسمعني وزير الاوقاف لنصحته صوابا بان يعمم على خطباء الجمعة بان يتحدثوا في خطبة الجمعة غدا عن العم فوزي المصري ، وفزعة و نخوة الكركية في فك محنته. قصة تروى وتحكى..