بقلم: مها درويش
ظاهرة تدمي القلب وتحطّم مجاديف هويتنا العربية التي تنزف بحرقةٍ وهي تتلاشى لدى جيل الشباب أو الأطفال وهذا بفعلِ أهاليهم الذين لا يتحدثون معهم باللغة العربية ولا يحرصون عليها.
منذ سنوات وبفعل عملي كمدربة موسيقى ونشاطي في دعم الإبداع وتطوير المواهب والإختراعات، كنت أصيب بدهشة لا سيما من أبناء الطبقات المقتدرة مالياً والذين يركّزون على أن يتعلم أبنائهم اللغات الأجنبية لدرجة أن الطفل لا يجيد العربية بل لا يتحدث بها بل أنه يُصاب بحالة استغراب إذا ما تحدث أحدهم معه بالعربية التي لا يعرف كثيرٍ من مصطلحاتها ومعانيها.
اليوم وكل يوم أُشاهد الأمهات وحتى الآباء لا يتحدثون مع أبنائهم بالعربية ويكرّسون لديهم فقدان هويتهم العربية بل أنهم بهذا يعزلون أبناءهم عن المجتمع وعن موروثهم ولغتهم الأصيلة التي هي من أجمل لغات العالم، وما هذا إلا أخطاء فادحة تُرتكب بحق بُناة المستقبل الذين تتسع الفجوة بينهم وبين وطنهم ومجتمعهم، بل أنه يؤثر تجاه عدم الشعور بالآخرين وعدم قدرتهم مستقبلاً على الإندماج مع أبناء وطنهم أو مجتمعهم العربي وعدم قدرتهم استشعار معاناة الآخرين وهذا بفعل الطبقيّة التي بدأت لديهم منذ الصغر بفقد لغة المجتمع أو ضعفهم بها وعدم معرفتهم باللهجات الأردنية والغربية ومناطقها أو التمييز بينها.
للأسف أضحت ظاهرة شائعة في المجتمع لا سيما المجتمع العمّاني وبعض المدن الأخرى التي أصبح التحدث في كل مكان بالإنجليزية أو غيرها من اللغات إشارة إلى الرقي وبالتالي بات لدينا جيلاً لا يحب لغته ولا يتمسك بها، بل انني ومن خلال متابعتي للكثير من الطلاب بدأت اسمع جملة غريبة فعلاً وهي ( العربي صعب)، وهذا يجعلني في حالة ذهول زحزن وخوف على لغتنا، ففقدان اللغة يعني فقدان الهوية والعادات والتقاليد وفقدان التواصل الصحيح والمبادىء والاخلاق التي تربينا عليها.
اليوم نشاهد انتشار ما يسمى (العرابيزي) والتي يتداولها الشباب على الواتساب بسبب عدم قدرتهم التعبير أو الكتابة بالعربية بشكلٍ صحيح وتراجعها لديهم بشكل ملحوظ فلا يملكون المفردات الجميلة التي تعبر عن احوالهم وتقلباتهم العاطفية أو ما يريدون وهذا يؤدي إلى جفاف التعبير عن المشاعر والتحول الى المادية المطلقة.
اللغة العربية أيتها الأمهات على الخصوص لغة جميلة جداً واوسع لغات العالم تعبيراً وهي بحر اللغات وأسماها ويكفي أنها لغة السماء والقران الكريم، لماذا لا نتعلّم من الأمم الأخرى وكيف أنها تعتز بلغاتها حتى الأقليات في مختلف المجتمعات يحرص أفرادها على التحدث بلغتها لأن اللغة هي الهوية وإلا فلا هوية وأصل لمن يفقد لغته الأُم.
إن تعلّم اللغات الأخرى لا يكون على حِساب اللغة الأُم التي بفقدانها أو الضَعف فيها يعني فقدان الأصل والهوية، بل علينا أن نعتز بلغتنا ونعلمها لأبنائنا لكي يكونوا بموقف قوي في حياتهم ولا يكونوا منعزلين في المجتمعات الأجنبية، هذه المجتمعات التي اصبح أفرادها يقبلون بشغفٍ على دراسة اللغة العربية بسبب إكتشافهم جماليتها وما فيها من غِنى بالمصطلحات والمفردات والمعاني.
أيتها الأمهات، عززوا اللغة العربية لدى أولادكن إن أردتنَّ خلق جيلٍ منتمٍ لأهله وأسرته ووطنه.
لِنبدأ من اليوم .