انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات جامعات دوليات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

المومني يكتب: أين هو مشروع الحراك؟!

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/31 الساعة 15:00
حجم الخط

المحامي بشير المومني

حقيقة وقعت في حيرة كبيرة من أين أبدأ في توجيه رسائل هذا المقال فالتحدي كبير جدا والهموم الداعية تستوجب طرح أسئلة عميقة بحجم الوطن فالقضية الأساس هي الدولة الاردنية والتساؤل الحقيقي الذي كنت ولا زلت اطرحه على النخب ولا أجد بمواجهته إلا الصمت كان ولا يزال " ما هي رسالة الدولة الأردنية وما هو المشروع المنبثق من هذه الرسالة بإطاريه العام والخاص " ومن ثم أين هم منظرو الدولة الأردنية للإجابة على هذا السؤال لتحديد اتجاهاتنا في منظومة إعادة البناء وهل نحن بحاجة الى ممارسة القطيعة المعرفية مع التاريخ والنشأة الأولى للدولة والنظر إليه بمفهوم التراث لصياغة عقد إجتماعي جديد وهل نحن فعلا بحاجة الى مثل هذا العقد الذي يستوجب "هدم" منظومة كاملة بنيت على أكتافها الدولة للدخول في مفاهيم هذا العقد أم لدينا القدرة على اصطناع مواءمات نهضوية وما هو مصير حالة الأستقرار الفريد الذي ينعم به الأردن نتيجة هذه التغيرات؟!

أتحدث بمدعاة القلق وبرسم المستقبل وبدافع اخلاقي ونخزات الضمير لأن التساؤل عن مشروع الحراك قبل التساؤل عن مشروع الدولة مسألة فيها اجحاف وتجن على الوطن كله الذي انبثق منه هذا الحراك سواء أكان مخترقا من عدمه وسواء أكان نوعيا واعيا لذاته أو أنه يوظف لصالح أجندات خارج نطاق ما يريده الحراك نفسه وهنا فإن تساؤلات قوية تطرح نفسها حول راديكالية الشعار وما يسمى ارتفاع السقوف وارهاصات العنف او ما يوصف بأنه مخالفة القانون أو ما يتردد هنا او هناك حول عمليات توظيف غير بريئة واختراقات عابرة للحدود لمنظومة الحراك وما الذي سمح بذلك كله ولا أقول من !!؟؟

اذا كنا نفكر خارج الصندوق ولدينا رغبة حقيقية في بناء الوطن الأردني وتقديم اجابات على الاسئلة اعلاه وتقديم " بناء الإنسان " كرسالة دولة في محيط متوحش وتقديم " مشروع الحداثة العربي " كمشروع أردني قادر على خلق النموذج الفريد الذي يؤثر في محيطه ولا يتأثر فلابد من اعادة تصنيف ملف الحراك من أمني إلى سياسي ولابد من اعادة التعاطي معه " بمفهوم الفرصة " بدلا من مفهوم العبء والخطر وهذا يقتضي بالضرورة قيام الحراك نفسه بتقديم مشروعه الوطني الأردني للبناء والمساهمة في الانخراط بالمنظومة السيادية لأنه لا زال يعزل نفسه وهو لا غيره من يضع نفسه على الهامش وارجو ان يفهم هذا الكلام على حقيقته وهو توجيه الاتهام المقصود وعن سبق اصرار ونية مبيتة ومباشر للحراك فلا يعقل بعد عشر سنوات من ولادة الحراك أن يبقى في مرحلة الحبو او القفز فجأة للمراهقة الشعبية وباختصار على الحراك ان ينضج وآن الاوان ليقدم ما لديه للمساهمة في بناء رسالة ومشروع الدولة الاردنية باعتباره جزءا منها ..

أدرك تماما أن المثقف الوطني الأردني لطالما غاب عن الساحة السياسية او جرى تغييبه قسرا او كانت خياراته باتجاه يساري او يميني فإما شيوعي او اخواني وأدرك تماما ان هذا اليسار او ذلك اليمين لطالما كان ولا يزال يدفع بالحراك للراديكالية لتقديم نفسه كبديل ناضج أمام صانع القرار وصاحب القرار الوطني والاقليمي والدولي وادرك تماما صعوبة المهمة في تقديم الحراك لمشروعه الأمر الذي يبقي عليه على الهامش مهما علا سقفه وامتدت اذرعه لكن تبقى الحقيقة ان الحراك هو الاتجاه السياسي الوطني الوحيد وهو بذلك الوصف اليتيم الذي ولد من رحم المعاناة الاردنية خصوصا في الأطراف لذا كانت عملية اعادة تصنيفه ورعايته ودعمه بمثابة مهمة مقدسة وعبادة يؤجر المرء عليها لاعادة تصويب الحالة الوطنية كلها واحداث توازن يعالج خطأ الدولة التاريخي في العزل السياسي والاقتصادي للاطراف وبما يفضي لولادة مشروع وطني أردني لا مشاريع مستوردة وهنا فعلى المثقف الوطني الأردني أن يستثمر هذه اللحظة التاريخية لاعادة التوازن للساحة بصياغة مشروع للحراك قادر على التصدي للمشاريع العابرة للقارات ..

نحن امام فرصة تاريخية وحقيقية لاستنهاض المكون العشائري تحديدا واستخراج تيار سياسي جديد يسير بموازاة التنظيمات التاريخية الشمولية التي ولدت بالاساس خارج الوطن وتحمل الينا بشائر التغيير من خلال ما يسمى بالملكية الدستورية في وصف تضليلي لحقيقة مفادها مشروع الملكية الحزبية التي فشلت في العراق والمملكة المغربية فالناظر الى التجربة في هاتين الدولتين سيجد ان الاحزاب تحكم والمعاناة الاقتصادية التي انطلق منها حراك الشعوب بقيت كما هي مما شرع اسبابا موجبة للثورة الشعبية على هذه الاحزاب نفسها والتي مارست استبدادا لا يقل سوءا عما سلفها من منظومات حكم شمولية متفردة الا ان القمع والاستبداد والفساد بات يشرعن لدى دولة مثل العراق مثلا تحت بند افراز الصندوق والديمقراطية نفسها أما خطورة هذا المشروع لدينا فهو حالة توطينية بامتياز تحت بند مفاهيم مثل المدنية والمواطنة كحقوق سياسية منقوصة في تطبيق فعلي لنظريات ديفيد هيرست من حيث حق الشريحة الحضرية المتعلمة دافعة الضرائب بالحكم وبالتأكيد فالوصف هنا لا يقصد به نهائيا الاطراف الاردنية ..

إعادة احداث التوازن في الدولة الاردنية يقتضي حتما تعاملا مختلفا جدا واعادة قراءة المشهد الاردني بشكل مختلف تماما يفضي لرعاية غير مسبوقة ودعم غير محدود للحراك من قبل المؤسسات الاردنية الراسخة وحوار هاديء جدا وعقلاني جدا بعيدا عن الاضواء وعمليات البروباغندا والدفع بالمثقف الوطني الاردني للانخراط في الحراك وتوجيهه نحو اطلاق مشروعه وبما يفضي الى نقطة الوصول الدستوري تحت قبة البرلمان والمشاركة في القرار الاقتصادي من خلال ولادة ذراع حزبي سياسي كاحد ادوات وروافع العمل الوطني لتيار شعبي عريض بات يحظى بشرعية وتأييد كبير تجاوز الاحزاب التقليدية في مشروع ملكية شعبية منافس لمشروع الملكية الدستورية (الحزبية) لاحداث التوازن المطلوب ما بين العاصمة والاطراف وهو مشروع يؤمن بأن الطريق نحو البناء والعدالة هو الملف الاقتصادي وليس كما يتم ايهام الناس به بانه سياسي لأن حالة الانتاج الاقتصادي هي من تقرر الاتجاهات السياسية وليس العكس ..

وعودا على بدء يبقى التساؤل محل الجدل والعمل " أين هو مشروع الحراك !!؟؟ " القادر على تحصينه من الاختراق والقادر على منع توظيفه لصالح الغير ومشاريع الغير واجندات هذا الغير سواء الفلسفية او الحزبية او حتى الشخصية والقادر ايضا على ترشيد الخطاب والشعار وتهذيبه ونضوجه وبكل تاكيد القادر على نقل الحراك من مرحلة المطالب والاستجابات الحكومية غير المنتجة في متوالية تعزيز سلبي وتشتيت وتفريغ للحراك من مفهوم الفرصة وهل يمكن لمشروع الملكية الشعبية ومفاهيم الحقوق الاقتصادية المنقوصة والتداول السلمي للثروة ان ترى النور فأخطر ما بتنا نواجهه اليوم هي محاولات الأيحاء لصناع واصحاب القرار بأن الاطراف باتت تنقلب على أسس العقد الاجتماعي والبيعة التي تأسست على جنباتها بيروقراطية وكلاسيكية حكم تصدت لمهمة النهوض بمعادلات الاستقرار وهذا الأيحاء خبيث وخطير جدا ولا يصادف صحيح الواقع ويهدف الى تمريرات هيرست ..

مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/31 الساعة 15:00