انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مختارة مقالات مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

القضاة يكتب: القادم مظلمٌ إذا انفلت عقال الأمن والأمان

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/22 الساعة 15:12
حجم الخط

الدكتور علي منعم محمد القضاة *

أرسل لي صديق، وهو أستاذ جامعي من إحدى الدول العربية المشتعلة بالثورة، والتي أصبح شعبها يعاني من ويلات الثورات، ويُقتلُ في كل حين دون أن يعرف القاتلُ لماذا يَقتُل، ولا المقتول فيما قُتِل، يقول الزميل للعرب أجمعين:
لا تتهوروا وتطالبوا برحيل أنظمتكم، بل اطلبوا حقوقاً وحريات، ومزيداً من الديمقراطية. لأن تحققوا منجزاً يضمن للناس حقوقهم، أفضل لكم من الف ثورة، حيث تصبحُ الثوراتُ فيما بعد هدماً غيرُ متحكمٍ فيه، ولا حضورٌ للعقل فيها أبداً، لأن المتحكم فيها سيكون غرائز الغضب، وتراكم القهر، وهذا خطير جداً. وتذكروا دائماً أنه إذا اسثيرت العواطف، فإن القوى العاقلة تتعطل.

بينما يكون الاصلاحُ بتغيير متَعقْلِنْ، ومُتَحَكَمٍ فيه، تغييرٌ من داخل البنية، صحيح أنه بطيءٌ جداً، لكنه آمنٌ، وفعالٌ، وأقلُ خسارةً. إن أخطر ما في الثورات العربية، أنها لم تكن لها أهداف متعلقة بالانتخابات، والديمقراطية، والحقوق، والمواطنة، بل كانت تتوهم أن تخلصها من مسمى معين، هو الحل... فكرٌ مثلُ هذا هو الكارثةُ الحقيقية.

واضيف على قول زميلي:

أرجو أن لا يفهم أحدٌ من زملائي ولا من طلبتي، ولا معارفي، ولا من الأجهزة الأمنية بكل صنوفها؛ أنني متخاذلٌ عن المطالبة بالحقوق، لا متهاونٌ في طلب رفع المظالم عن الناس، أو تخفيف الأعباء والضرائب، ولكنني حريصٌ كل الحرص أن لا ينفلت العقال لا سمح الله، ونقع فيما لا يحمد ولن يحمد عقباه، وقد كتبت في هذا منذ أكثر ما يزيد على عقد من الزمن، ونشرته كُبرى الصحف الأردنية في حينه، ووجهت رسالة مباشرة إلى رئيس الوزراء وقتئذٍ، وأنا أعلم أنهم لا يقرأون، ولا حتى يقرون بالفساد كثيراً، ولا يصرحون بوجو فساد إلا ذرا للرماد في العيون، بل لا يرغبون بكشف حقيقي عن المفسدين.

ولكن القادم مظلمٌ إذا انفلت عقال الأمن والأمان، يجب علينا أن لا نستعدي أبناءنا وأخوتنا في الأجهزة الأمنية، ولنعلم جميعاً أنهم أكثر ولاء، وانتماء من ذلك الشرطي الفرنسي، الذي قال للرئيس الفرنسي ماكرون: أنا أقوم بواجبي يا سيدي، ولكنني أشعر بالعار، أو بالحزن وأنا أفعل، وشعبي مهورٌ يطالبون بخفض الأسعار، وتحسين ظروفهم المعيشية، ولتنظروا بينكم كم ضابط متقاعد بينكم، ولتعلموا أن سريرة من يحرسونكم من رجال الأمن وهم يسيرون بجانبكم، سريرة طيبة، وأنهم ليسوا جنودٌ مرتزقة، بل اقاربنا وأرحام لنا، يهمهم ما يهمنا.

سامحوني فأنا كنت وما زلت أنظر إلى رجال الأمن بنوع من القداسة لأهمية وجودهم في المجتمعات.

* أستاذ مشارك في الصحافة والتحرير الإلكتروني

مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/22 الساعة 15:12