كما نعلم فان التنافر المعرفي هو من المصطلحات المستخدمة في علم النفس ليعبر عن حالة من التوتر والاجهاد العقلي او عدم الراحة التي يعاني منها اي شخص يحمل كثيراً من الافكار المتناقضة في نفس الوقت، او يقوم بسلوك يتعارض مع افكاره او يواجه بتعليمات واوامر تتعارض مع افكاره والقيم الفكرية الموجودة لديه.
اي ان هناك قوة فاعلة تؤثرعلى قراراته وسلوكياته ، اي انه يقع تحت تأثير التناقضات بين ما يريد وبين ما يريد الآخرون منه والاكثر تأثيراً حيث يقع في دوامة لا بداية لها ولا نهاية ، معتصراً لعقله ووجدانه وضميره ليحاول التصرف او الاجابة خلال هذه التناقضات لايجاد قاسم مشترك ليحل ولو بعضها وان تنكر اليها فيجد هناك من يعيد زعزعة ذاته وفكره ليعيد آلية السؤال من جديد.
فهناك من المسؤولين من تتناقض افكاره مع افعاله وتتعارض مشاعره مع مبادئه ومعتقداته ليغلب احدهما على الاخر اي ان المسؤولية اصبحت مجموعة من التناقضات ليعيش فيها المسؤول مع ذاته المتناقضة بألم.
فهناك مفكرين سياسيين واعلامين ناقدين ومحللين يشيرون الى التناقضات عن اي مسؤول وهي تقع تحت منظومة شجاعة الحقيقة ، وهذه التناقضات تنتج خللاً يزعزع الاستقرار في العمل وفي الذات سواء كان ذلك بشكل واع او غير واع اي يعيش فيها المسؤول في صراع مع الذات.
ففي اللقاءات الاعلامية والندوات هناك ما يقوله المسؤول ويتم التعبير عنه من خلال ايماءات ونبرات لايصال رسائل متناقضة للجمهور الذي يخاطبه والذي يترك له فك الرموز في اسوأ سيناريو يكون فيه الربط المزدوج بالحقيقة المزدوجة المبنية على ما يريدون وما اريد فهو عاجز بلا حول ولا قوة، فطرح اللامركزية لتحقيق التنمية والانفصال الحقيقي والفعلي عن المركز الرئيسي تتناقض مع السلوكيات المعمول بها لتحقيق ذلك الانفصال حتى في آلية توفير المخصصات، لذلك ليبقى التناقض الحاضر الرئيسي.
كذلك الامر في طرح استراتيجيات لمحاربة الفقر والبطالة لاحلال العمالة الوطنية محل العمالة الوافدة، وفي نفس الوقت تعطى التصاريح القانونية لعمل العمالة الوافدة تحت بند العمالة الماهرة، ونحن نصرف مئات الملايين على تدريب وتأهيل الكوادر البشرية الوطنية لتخريج عمالة ماهرة وهذا تناقض بين المدخلات والمخرجات.
كذلك الامر عندما يتم التصريح عن دعم الصناعات الوطنية وفي نفس الوقت يزداد عليها الضرائب واسعار المشتقات النفطية المشغل والمحرك الرئيسي للصناعة، كذلك الامر للفنادق وغيرها الكثير، اي ان التناقض يأخذ مفهوم القرارات المتضاده تتداخل في واقع ملموس وتحتوي على جانبين متضادين يتعلق احدهما بالآخر وهو عدم الانسجام والاتساق في التفكير لدى المسؤول بمعنى ان الشيء لا يمكن ان يكون موجوداً او غير موجود في الوقت ذاته وهذا هو ما وراء المنطق.
وكما نعلم فان التماثل لدى المسؤول يجب ان يحكم مسار التفكير والطرح مع الواقع العملي، ويمكن تقييمها وقياسها فهناك العقل النظري وهناك العقل العملي وهناك تناقضات بين الشكل والمحتوى وعندما تكون هناك معارضة وطنية فكرية تعارض هذه التناقضات فهي حركة حيه للمجتمعات الحية على ألا تخرج عن مضمونها الفكري والسلوكي المتزن.
وان كان هناك من لقاءات بين المسؤول والمعارض فيجب ان تكون على مستوى تباين كبير في مستوى الفكر والفهم والطرح وذلك من اجل ايجاد قاسم مشترك لحل هذه التناقضات والانتقال الى مرحلة جديدة من مراحل تطور الواقع والمجتمع.
فهناك تناقضات جدلية المنعكسة في الفكر والمفاهيم والتي تختلف عن التناقضات المنطقية والتي تمثل الواقع الحقيقي، اي اننا امام قضيتين في السلب والايجاب او بالصدق والكذب او القول بعيداً عن الفعل وهذه التناقضات هي انقراض أو انقاص للسياسة خاصة بوجود سياسيين واقتصاديين واجتماعيين مبدعين اصحاب فكر نير يستند على الخبرة والمعرفة في حل المشكلات والازمات فهو فكر ابداعي وابتكاري وفكر ناقد قادر على التمييز بين المتناقضات واصدار الاحكام مرتبطاً بالمنطق وصدق النتائج على ضوء المعطيات، واكثر حكمة في تقديم المقترحات والاراء الصحيحة وفق معايير يعتمد عليها وكما ان عدم الانسجام يسبب الفشل.
hashemmajali_56@yahoo.com