أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية الموقف شهادة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

من قتل وصفي التل

مدار الساعة,مقالات مختارة,رئيس الوزراء,الضفة الغربية
مدار الساعة ـ
حجم الخط

لا تمرّ ذكرى الشهيد الخالد الرئيس وصفي التلّ كأي ذكرى اعتاد الناس نسيانها رغم احتفال البعض بها، بل أن وصفي لو كان قائدا كرديا من أخواله لنصبوا له التماثيل التذكارية على رؤوس جبال زاغروس، ولو كان زعيما شيعيا لرأينا الطوابير البشرية تنحني عند ضريحه وتطبّر كما يفعل الجاهلون منهم ، ولكن وصفي التل كان عقيدة سياسية ووطنية، وشخصية روائية لا تنافسها شخصية الزير سالم في الموروث الشعبي، فهو بطل فلسطين قبل أن يكون بطلا في الأردن.

من أرض حوران الأردنية خرجت طلائع الأبطال الأفذاذ من هذه الأرض الأردنية التي أنجبت ولا تزال قامات تطاول رماح العزّ والمجد رغم مناجل القاطعين للبطولة والرجولة والوطنية الذين استنسختهم المدنية المادية ومسختهم كالأفاعي التي تعضّ جيّاد الجهاد الوطني في قوائمها بكل خسّة وغدرّ، ثم تنسلّ كأنها لعاب كلب على باب سيدها، ومن حوران جاءت بشائر الرجال وبواكير السلطة لتثور على المستعمرين والمستبدين والطامعين بأرض العرب من شامها الى عراقها وفلسطينها السليبة، حتى قلعة الصمود في أردن الأجداد والأحفاد الذين لم يقرأوا تاريخ آبائهم ممن حاربوا بفقرهم غزو الأعداء وانتصروا على الاستبداد.

ثم جاء وصفي كالريح التي تقتلع عروش الجبناء الخائفين على مصالحهم، الفاسدين الرابضين على أعتاب الممولين، والعملاء بالإنابة عن مصالح الاستعمار والاستحمار، فكان أعرف الناس بسياسات الأنظمة القمعية والقيادات الجلّادة لشعوبها، المستغلّة لثورة الإذاعة والتلفزة للترويج عن مسرحهم السياسي الراقص وتطويع عقول البلهاء من الشعوب، فحقق ثورة فكرية وأطلق نهضة وطنية لا قبل لها ولا بعد، وأحاط بهذا الوطن سياجا قويا من الفكرّ السياسي والعمل المؤسسي، ثم بنى سقفا عاليا من الولاية العامّة لرئاسة الحكومة، ونظفّ المؤسسات الرسمية من نفاياتها القيادية، ووضع الرجل المناسب في مكانه الصحيح، ولهذا فقد كان أعداءه في الداخل أخطر من العدو الخارجي.

وفي ذات اليوم نشرت صحيفة المحرّر اللندنية صورا لمسرح إغتيال التلّ، ومانشيتا فرعيا فحواه: زوجة التلّ صرخت بهستيرية وهي تقول «انتهت فلسطين والعرب(...) ، وهذا باعتقادي دليل قاطع على أن المؤامرة ضد وصفي التلّ لم تكن مجرد إغتيال لرجل سادّ على السادات جميعها، بل إنها مؤامرة على القضية الفلسطينية أولا من خلال المؤامرة المصرسورية على الأردن، الذي يعيش اليوم نتائج تلك المرحلة البائسة ما بعد فقدانه لزعيمه الوطني الذي استشرف مستقبل الأردن مبكراً باستقلال قراره ونزاهة قياداته وهمّة أبنائه بالعلم والعمل، وهذا ما نحصد شوكه هذه الأيام ، ودون أي رغبة منا أن نعرف من قتل وصفي..فوصفي قتله طموحه بوطن لا ينحني. الرأي

مدار الساعة ـ