بقلم: حمزة أبورمان
بالأمس تظاهر المئات إن لم يكن الآلاف من سائقي التاكسي (الأصفر) أمام مجلس النواب، احتجاجا على قرار الحكومة بالسماح للتطبيقات الذكية (أوبر، كريم) بالعمل مقابل الأجر، مما تسبب بانخفاض مداخيلهم وعدم قدرتهم على تسديد الالتزامات الكبيرة للبنوك ومالكي المركبات، بحسب وصفهم.
ما لفت انتباهي، هو مطالب السائقين التي من المفترض أن تكون مقتصرة على وقف العمل بالتطبيقات وإنصافهم، لكن ما حدث أنها أخذت طابعا سياسيا أكثر منه اقتصاديا واجتماعيا، كما جرت العادة في الأردن منذ انطلاقة ما يسمى بالربيع العربي على أقل تقدير.
متقاعد عسكري يعمل سائق تاكسي، طالب في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة التي نعيشها بتشكيل حكومة عسكرية على غرار ما تم المطالبة به في محافظات الجنوب إثر الأحداث المؤسفة خلال المنخفض الجوي الأخير الذي أودى بعشرات الأرواح، بينما آخر طالب بإسقاط مجلس النواب، واصفا إياه بمجلس العطاءات والتنفيعات، في إشارة إلى أنهم يعملون من أجل مصلحتهم الشخصية ولا يأبهون لمطالب المواطنين.
سائق آخر، ناشد الملك بالتدخل هو شخصيا وتعديل الدستور لإنصافهم، لعدم قناعته بدور الحكومة صاحبة (الولاية العامة) ومجلس النواب، مقتصرا ذلك الحكم والقرارات بصلاحيات الملك وتوجيهاته.
مجموعة مغايرة، ادعت أنه يوجد تهرب ضريبي بملايين الدنانير من قبل شركات التطبيق، وتعمل على تحويل الأموال خارج البلاد، في إشارة إلى ملف فساد آخر يجب التحقق منه.
وتجد من خلال الآراء البسيطة التي تم ذكرها بعد أن بُث الاعتصام على الهواء مباشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة، أنها طالت السلطات الثلاث، وشككت في دور الدولة الراعية لمصالح المواطنين وتنظيمها، ورسالة قديمة جديدة لصانع القرار بأن حالة الاحتقان التي يعيشها الشارع في كافة القطاعات لها دلالات ومؤشرات ملموسة على الجميع أن يدركها ويعي خطورتها.
وبالعودة إلى المشكلة الرئيسية، يبدو أن التطبيقات الذكية (أوبر،كريم) أثرت سلبا على مداخيل أصحاب التكاسي، لكنها تعمل بناء على رغبة المواطنين وبشكل قانوني، المطلوب تنظيم قطاع النقل العام بما يضمن حقوق الجميع دون تغول أي فئة على الأخرى، وممارسة الجهات المعنية واجبها ومسؤوليتها في تحقيق ولو جزء بسيط من العدالة والمساواة بين كافة أطياف المجتمع الأردني.