انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

ترشيد إنفاقنا كمواطنين

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/18 الساعة 23:53
حجم الخط

دعونا في مقال سابق الحكومة إلى ترشيد نفقاتها، على ضوء ترتيبات الأولويات الوطنية،ومثل الحكومة وأهمية ترشيد إنفاقها على ضوء ترتيب الأولويات، كذلك لابد من أن نقوم نحن كمواطنين بترشيد إنفاقنا، على ضوء أولوياتنا وإمكانياتنا، فليس من الضروري أن يمتلك الكثيرون منا أكثر من جهاز هاتف خلوي لأكثر من خط هاتف خلوي، مثلما أنه ليس من الضروري أن نقوم بتغيير أجهزة الخلوي بصورة دورية وفق الموضة، والتحديث المستمر على هذه الأجهزة، التي صارت تستغرق نسبة كبيرة من موازنة الأسرة الأردنية، فنحن للأسف الشديد من أكثر شعوب الأرض استخداماً للهواتف النقالة نسبة إلى عدد السكان، علماً بأن جل استخدماتنا للهواتف النقالة بلا جدوى، لأنها تدخل في باب الثرثرة و»طق الحنك»، وهذه تقودنا إلى أخرى أعني بها قيمة الوقت في حياتنا، فمن المعروف أن الوقت هو رأس المال الحقيقي للإنسان، ومن ثم فإنه يجب أن ينفقه فيما ينفع ليصبح وقتاً منتجاً، وهو مالايحدث في بلادنا التي تقول الدراسات أننا من أكثر الشعوب هدراً للوقت وأقلها إنتاجية، لذلك صار من المهم لدينا أن نُشيع ثقافة ترشيد الوقت واستثماره فيما يفيد، بدلاًمن أن نهدره في المقاهي، وفي جلسات النميمة والتسكع خلف مقاود السيارات. في ممارسة سلبية قاتلة نسميها جهاراً نهاراً «تضييع الوقت» ونحن في الحقيقة نضيع رأس مالنا الحقيقي،وهو حياتنا أي الوقت الذي نقضيه على وجه هذه الأرض لإعمارها يحسن استثمار وقتنا بما يفيد،علماً بأن عملية تضييع الوقت التي يمارسها البعض للتخلص من الفراغ هي من الأسباب الرئيسية للكثير من الأمراض الجسدية كأمراض الظهر وإلآمه التي تنجم عن الكسل بالجلوس الطويل في المقاهي وبلا عمل، بالإضافة إلى الأمراض السلوكية كتعاطي المخدرات والمسكرات التي بدأ الكثير من شبابنا يهربون إليها من فراغهم.

وعلى ذكر السيارات، فمن قال أنه يستقيم مع فقرنا وأزمتنا الاقتصادية وحجم فاتورة الطاقة المستوردة من ميزانيتنا العامة، ومن ميزانياتنا الخاصة كأفراد هذا الكم الهائل من السيارات المكدسة أمام منازلنا وفي شوارعنا، التي صارت الحركة فيها قطعة من العذاب، بسبب أزمة السير الناتجة عن النمو السرطاني لعدد السيارات فيها، وهي جلها من السيارات الكبيرة والفارهة التي تحتاج إلى كميات كبيرة من البترول، مما يزيد من أزمتنا الاقتصادية بسبب تنامي فاتورة الطاقة المستوردة، الأمر الذي لا يستقيم مع أزمتنا الاقتصادية مما يستدعي اتخاذ قرارات جريئة لترشيد حجم ونوع السيارات في بلادنا، بما يتناسب مع إمكانياتنا وصولاً إلى الاستغناء عن نسبة عالية من السيارات، عندما نتمكن من بناء منظومة نقل عام محترمة تغنيننا عن سياراتنا الخاصة.

ومثل السيارات الفارهة ذات الأحجام الكبيرة كذلك بيوتنا الباذخة ذات المساحات الواسعة، التي تزيد عن حاجاتنا الفعلية،مع الأخذ بعين الاعتبار أن مساحة البيت عامل رئيس من عوامل حجم الإنفاق على استخدامه واستدامته، خاصة من حيث فواتير الطاقة والمياه والصيانة. علماً بأن من سلوكياتنا الخاطئة أننا نخصص المساحة الأوسع والأجمل والأكثر بذخاً في منازلنا للضيوف، مما يجعل هذه المساحة شبه معطلة، قد لا تستخدم في السنة لأيام معدودات، لكنه الرياء الاجتماعي وسوء ترتيب الأولويات وغياب ترشيد الإنفاق. ويزيد الطين بلة في موضوع السيارات الفارهة والبيوت الباذخة، أن الغالبية الساحقة منها يتم شراؤها بقروض من البنوك، ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا أن نسبة عالية من سياراتنا وبيوتنا مرهونة للبنوك، إلا من رحم ربي، وهو سلوك اقتصادي خاطىء صار لابد من تقويمه وترشيده.

وعلى ذكر البيوت الباذخة أيضاً لابد من الحديث عن البذخ والإسراف، في الكثير من ممارساتنا في هذه البيوت، ابتداءً من الولائم الباذخة، التي نقيمها في دعواتنا لضيوفنا، وفي غالبيتها تدخل من باب الرياء الاجتماعي، المؤذي خاصة على الصعيد الاقتصادي، جراء الهدر الكبير للمواد الغذائية التي يصبح مصيرها سلال القمامة، رغم تأثيرها على ميزانية الأسرة، ومن ثم على الميزانية العامة للدولة، باعتبار أن جزء اكبيرا من مدخلات هذه المواد يستورد بالعملة الصعبة، وعلى ذكر الاستيراد أيضاً نسأل ماهو الداعي لاستيراد الكثير من الخضار والفواكة في غير موسمها، ألا يدخل هذا في باب الإسراف الذي لابد من ترشيده.وما ينطبق على الخضار والفواكة ينطبق على استيراد الكثير من الكماليات التي لا تتناسب مع قدراتنا الاقتصادية كبلد محدود الدخل.

خلاصة القول في هذه القضية هي: كثيرة هي أبواب ترشيد النفقات في حياتنا كأشخاص وهو ترشيد يصب في ترشيد إنفاقنا العام الذي أصبح أكثر من ضرورة.
الرأي

مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/18 الساعة 23:53