خلود الخطاطبة
أن الدروس المستفادة من الفاجعة التي أودت بحياة العشرات من الأطفال والمواطنين الأردنيين، أكبر وأعمق مما خلص اليه رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز في "تغريدته" بأن الدرس المستفاد هو "أهمية الالتزام بالأنظمة والقوانين".
اذا كان الحديث عن الدروس المستفادة، فأنني أجد أهم درس هو أن الحكومة فشلت في ادارة دفة الأزمة وفق مظاهر كثيرة، تتمثل فيما يلي:
أولا: التخبط بتصريحات المسؤولين وعدم وجود أي مظهر من مظاهر التنسيق بين الأطراف، في وقت عوضت فيه الأجهزة الأمنية التقصير في الخطاب الاعلامي الحكومي الذي كان جل همه الإلقاء بالمسؤولية في الحادثة الأليمة على "تغيير خط سير الرحلة"، مع أن القضية أكبر من ذلك والدليل وجود ضحايا من المتنزهين.
ثانيا: عدم تشكيل غرفة عمليات ترد اليها كافة المعلومات، وتكون مرجعا لأهالي وذوي الضحايا الذي عانوا كثيرا لمعرفة مصير أبناءهم، كما حدث مع الطفلة الشهيدة سارة أبو سيدة التي دفنت دون علم أهلها، فيما بقيت جثة لطفلة اعتقدت عائلتها أنها دفنتها.
ثالثا: ألا تستحق هذه الكارثة الوطنية، من رئيسها والحكومة عقد مؤتمر صحفي عند انتهاء أعمال البحث وتحديدا يوم السبت الماضي بمشاركة جميع الأطراف لتوضيح ما حدث بشكل مبدئي وما هي مجريات الأمور حاليا، وكيف ستحاول احتواء الأزمة النفسية للعائلات وأطفال المدرسة.
رابعا: تبنى الإعلام الرسمي الرواية الحكومية، في كارثة بحجم الوطن، وحاول أن يضخ سيلا من الاستنتاجات الحكومية التي تصب في النهاية بالنأي بنفسها عن المسؤولية عن الحادث، وهو مالا تجده عند حكومات كثيرة في العالم غادرت بمجرد وفاة طالب في حادث لحافلة مدرسية بل على سبب أقل من ذلك.
والأمر المؤلم أن وسائل إعلام رسمية وظفت الضحايا وآلامهم، لخدمة الخطاب الحكومي بإلقاء اللوم على كل شيء ما عدا أي وزارة أو مؤسسة حكومية، قبل أن تتضح نتائج التحقيقات، إضافة الى ادلاء مسؤولين حكوميين بتصريحات ترسخ انفصالهم عن آلام الشعب، وكان على المسؤول على الأقل ابداء تأثره بدلا من هذا الجدال العقيم.
خامسا: قرار حظر النشر في القضية.
سادسا: تشكيل لجنة حكومية للتحقيق في الحادث وأسبابه، وهو أمر لاقى انتقادات كبيرة، حيث كان من المأمول تشكيل لجنة مستقلة، تكون الحكومة أحد أعضائها فقط، بحيث تضم نقيب المهندسين ونقيب الجيولوجيين ومجلس النواب وأخرين من ذوي الشأن، الى جانب المركز الوطني لحقول الانسان لأن "الحق في الحياة" هو أعظم حقوق البشر.
رحم الله الشهداء، ومنّ بالشفاء على المصابين، ونتمنى أن تكون مخرجات اللجنة الحكومية بحجم الألم الذي تسببت به الفاجعة للوطن.