مدار الساعة - أكد رئيس مجلس إدارة جمعية البنوك في الأردن، هاني القاضي، أن أفضل وسيلة لحل المشكلات الاقتصادية تتلخص في تحفيز النمو الاقتصادي الذي يؤدي لزيادة النشاط الاقتصادي ويساهم في تحقيق التشغيل الكامل، ويزيد من تنافسية الاقتصاد وجاذبيته للاستثمار، ويزيد من الطلب الكلي في المملكة.
وشدد على أهمية أن تتخذ الحكومة إجراءات جدية لترشيد النفقات العامة لتكون في مستوى الإيرادات العامة، مشيرا إلى أن الحكومة في كل مرة تصدر تعديلا لقانون الضريبة يكون مبررها الأساسي تخفيض عجز الموازنة، "ومع ذلك لا يتحقق هذا الهدف".
وقال القاضي خلال لقاء مجلس إدارة الجمعية مع رئيس وأعضاء لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب، اليوم الأحد، بحضور وزير المالية ومحافظ البنك المركزي، ومدير عام دائرة ضريبة الدخل والبيعات، إن زيادة إيرادات الخزينة يمكن أن يتم من خلال اتخاذ مجموعة من التدابير الأكثر قبولا، ومن ضمنها محاربة التهرب الضريبي من الدخل والمبيعات، والذي يقدره وفقا لتصريحات الحكومة الرسمية بحوالي 650 مليون دينار سنويا، "وهو ما يتجاوز مثلي الإيرادات المتوقعة من مشروع القانون المعدل لقانون ضريبة الدخل".
ودعا إلى إبقاء نسبة الضريبة على دخل البنوك كما هي عليه في القانون النافذ، وكما تم إرسالها لديوان التشريع والرأي والبالغة 35 بالمئة، وعدم رفعها إلى 37 بالمئة كون النسبة في القانون النافذ حاليا "هي الأعلى عالميا".
وشدد القاضي على عدم إخضاع الأرباح الموزعة والأرباح الرأسمالية للشركات المساهمة العامة للضريبة، والإبقاء عليها ضمن البنود المعفاة من الضريبة كما هي في القانون النافذ "لأنها تشكل ازدواجا ضريبيا".
وطالب مجلس النواب بالإبقاء على نسبة اقتطاع ضريبة الدخل من فوائد الودائع والعمولات وارباح الودائع المشاركة في استثمار البنوك والشركات المالية التي لا تتعاطى بالفائدة كما في القانون النافذ 5 بالمئة وعدم رفعها إلى 10 بالمئة حسب مشروع القانون وذلك للمحافظة على تنافسية البنوك الأردنية باستقطاب ودائع من الخارج.
ولفت القاضي، في الاجتماع، إلى أن الحكومة تواجه مجموعة من القرارات الصعبة، وأنها بحاجة لاتباع سياسات اقتصادية وصفها ب "الخلاقة" تعالج من خلالها حصيلة سنوات طويلة من الاختلالات والتشوهات الاقتصادية.
كما أكد القاضي أن الاقتصاد الأردني يعد اقتصادا مرتكزا على البنوك، إذ تشكل موجودات البنوك 173 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، فيما تشكل الودائع 117 بالمئة، والتسهيلات الائتمانية 87 بالمئة من الناتج.
وقال القاضي إن القطاع المصرفي الأردني كان ولا يزال وسيظل العمود الفقري للاقتصاد الوطني، والداعم الرئيسي لمسيرة التنمية الاقتصادية في الأردن.
وأضاف القاضي إلى أن البنوك في الأردن تشكل أكثر من 95 بالمئة من مصادر تمويل الاقتصاد الأردني، وأنها الممول الأكبر للحكومة الأردنية من خلال محفظتها الضخمة من السندات الحكومية.
وبين أن حجم التمويل الممنوح من قبل البنوك للأفراد بلغ 5ر9 مليار دينار في نهاية عام 2017، والتي اتخذت شكل قروض سكنية وعقارية وقروض السيارات وغيرها لتمكين المواطنين من تملك وشراء السيارات والمساكن والعقارات، إضافة للقروض الشخصية والاستهلاكية والتي ينفقها المواطنين لغايات الزواج والتعليم والصحة وغيرها، وهو ما أسهم في تلبية الاحتياجات الملحة للمواطنين، وساعدهم في تحسين مستوياتهم المعيشية.
وفيما يتعلق بالمتانة والسلامة المالية للبنوك في الأردن، أكد القاضي أن القطاع المصرفي الأردني يعد أحد أهم أركان الاستقرار النقدي والمالي والاقتصادي في المملكة، مستشهدا بالبيان الذي أصدره أخيرا اتحاد المصارف العربية في بيروت والذي أكد فيه بأن القطاع المصرفي الأردني يعد من أكثر القطاعات المصرفية أمانا في المنطقة العربية.
وفي معرض حديثه عن نسب الضريبة المفروضة على قطاع البنوك بحسب مسودة القانون المعدل، قال القاضي إن جميع الدراسات تظهر بأن نسبة الضريبة المفروضة على البنوك بموجب القانون النافذ والبالغة 35 بالمئة مرتفعة جدا ومن أعلى النسب في العالم، ولا تحقق العدالة والمساواة للبنوك مع القطاعات الأخرى، ورفعها حسب مسودة القانون المعدل إلى 37 بالمئة "سيحمل معه تبعات سلبية كبيرة على البنوك، وعلى المقترضين من الأفراد والشركات، وعلى الاقتصاد الوطني ككل".
وأضاف أن زيادة نسبة الضريبة على البنوك يتنافى مع مبدأ العدالة والمساواة من خلال إخضاع البنوك لأعلى نسبة ضريبة، علما بأن ربحية البنوك تعد متواضعة عند مقارنتها مع باقي القطاعات الاقتصادية في المملكة، أو مع القطاعات المصرفية في الدول العربية المجاورة حيث بلغت 6ر7 بالمئة فقط عام 2017.
وحول تداعيات رفع نسب الضريبة على البنوك، أكد القاضي أنه بموجب الدراسة التي أعدتها الجمعية، فإن رفع نسب الضريبة سيؤثر على قدرة البنوك على رفع رؤوس أموالها، وسوف يساهم في انخفاض التسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنوك بمبلغ يصل 175 مليون دينار سنويا.
وبين أن رفع الضريبة على البنوك سيشكل ضغوطا إضافية عليها لرفع أسعار الفائدة على المقترضين بما يعادل 42 نقطة أساس على الأقل وفق دراسة أعدتها جمعية البنوك، وهو ما ينعكس سلبا على العملاء من الأفراد والشركات.
وأكد أن الزيادة في أسعار الفائدة لا تشكل دخلا إضافيا للبنوك وإنما تستهدف المحافظة على هامش سعر الفائدة الذي تحققه البنوك والذي يعتبر متواضعا مقارنة مع دول المنطقة.
كما أكد أن إخضاع الأرباح الموزعة والأرباح الرأسمالية للشركات المساهمة العامة للضريبة، سيطال قطاع البنوك بالدرجة الأولى "لأن أكثر من ثلي الأرباح التي توزعها الشركات المساهمة العامة تعود للبنوك".
وقال "ذلك يعد ازدواجا ضريبيا، وسيؤدي أيضا إلى كبح الاستثمار في أسهم البنوك الأردنية، وسيؤدي إلى هجرة رؤوس الأموال المحلية إلى الخارج، ويدفع المساهمين الأجانب لتحويل استثماراتهم إلى دول أخرى، وسيؤثر سلبا على أداء بورصة عمان، المتراجع أصلا منذ عدة سنوات".
وبين القاضي أن عدد المساهمين الأردنيين في البنوك الأردنية يتجاوز 71 ألف مساهم، وأن صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي يعد أكبر مستثمر في القطاع المصرفي الأردني؛ إذ أن أكثر من ثُمن موجودات الصندوق مستثمرة في أسهم البنوك وبقيمة تصل لحوالي 3ر1 مليار دينار.
وأشار إلى أن رفع الضرائب على الأرباح الموزعة والرأسمالية للبنوك، ورفع نسبة الضريبة على دخل البنوك، ستؤدي لانخفاض العائد على استثمارات صندوق الضمان في أسهم البنوك، كما سيؤثر سلبا على كافة المواطنين العاملين حيث أن لهم مدخرات واستثمارات مباشرة وغير مباشرة في القطاع المصرفي.
وحول ما تضمنه مشروع القانون من رفع نسبة اقتطاع ضريبة الدخل من الفوائد على الودائع من 5 بالمئة إلى 10 بالمئة، نوه القاضي إلى أن هذا الأمر سيؤثر على قدرة البنوك على استقطاب الودائع، ويؤثر سلبا على تنافسية البنوك في الإقليم، ما قد يساهم في انسحاب الودائع إلى خارج الأردن.
وأشار إلى أن الاتجاهات المتزايدة لأسعار الفائدة ستزيد من الإيرادات الضريبية المتأتية من الفوائد تلقائياً وبدون الحاجة لرفع نسبة الضريبة عليها.
وحول فرض ضريبة تكافل اجتماعي بواقع 1 بالمئة من الدخل الخاضع للضريبة، قال القاضي أنها غير ضرورية، حيث أن إنفاق البنوك على مختلف مجالات المسؤولية المجتمعية في عام 2017 حوالي 18 مليون دينار، وهو ما يشكل 3ر3 بالمئة من صافي أرباحها، "أي أنه يفوق نسبة ضريبة التكافل الاجتماعي التي حددها مشروع القانون".