مدار الساعة - كتب : عبدالحافظ الهروط – لا اعتقد -ان لم اجزم - بأن واجه الاردن مرحلة اشاعات في تاريخ مسيرته، مثل هذه المرحلة ، التي صارت فيها الشمس تشرق من الغرب وتغرب في الشرق، فنصدّق رغم بطلانها بالمنطق.
على الصعيد الشخصي وكمواطن اردني استطيع ان انسج خبراً اقول فيه ان مسؤولاً اردنياً كبيراً غادر عمان وفي حوزته 10 ملايين دينار ومثلها دولارات ولم تتسن للجهات المعنية القبض عليه باعتبارها اموالاً تعود لمؤسسة كبيرة، فكيف هرب؟ ومن هرّبه.
واستطيع القول ان وزيراً او رئيس وزراء سابقاً تم ضبطه مع فنانة مشهورة في شقة في عمان او انه اعتدى على فتاة قاصرة، ولنفوذه تم غض الطرف عنه.
مثل هذين الخبرين الملفقين والمختلقين، وغيرهما نسمعها ونقرأها، فتلقى تصديقاً،وتبادلاً في وسائل التواصل الاجتماعي، حتى لو نفته كل وسائل الاعلام الاردنية الرسمية والخاصة والجهات المعنية في دحض هذه الاكاذيب.
هذا لا يعني ان كل ما يتداوله اشخاص سواء عبر التواصل الاجتماعي او في جلسات ضيقة وعبر الهواء الطلق من اخبار، مجرد اشاعة، وكأن الاردن بلد كل شيء فيه على ما يرام.
ان اصحاب الاشاعة ما ساقهم الى هذه "الحرفة" المدمرة الا لأن مصالحهم ومكتسباتهم وغاياتهم الخسيسة وضعت فوق كل اعتبار، من جهة، فيما المصّدقون بها والمتبادلون لها لم يكونوا الا لوعي قاصر او لثقة اعدمها اصحاب المسؤولية مع المواطنين، او ما يسمى بغياب المعلومة والتصريح الزائف واتباع سياسة التعمية، وبمقولة "عدم المصداقية".
فالاشاعة تنتشر كـ النار في الهشيم عندما تلقى اذاناً صاغية، اما لأن اصحابها يشاركون اصحاب الاشاعات في الفكروالغنائم، واما لأن متلقي هذه الاشاعات وتلك، ضاقت الدنيا بهم ذرعاً في حياتهم المعيشية او لظلم تعرضّوا له، ولحرمانهم من حقوقهم الشخصية، دفعهم للانحياز الى جانب هؤلاء المروجّين.
لا بل ان اقصاء البعض من اصحاب الحقوق، عن المشاركة في صنع القرار وتداول المسؤولية، جعلهم يرخون اذانهم وربما تجعلهم مثل هذه الامور يصدّقون ويروّجون للاشاعة، رغم قناعتهم بأنها اشاعات كاذبة، ولا حقيقة لها على الاطلاق.
مؤسف ان يختلط الحابل بالنابل، ونصبح كمجتمع اردني فريسة بين اشاعات كاذبة، وتصريحات غير مقنعة وبهذا يصبح الحليم حيراناً، ولكن الخاسر الأكبر هو المواطن والوطن على السواء.
باختصار : الاشاعة قائمة والحقيقة نائمة.
لندحض الاشاعة واصحابها بالمصداقية واعادة بناء الثقة بين المواطن والمسؤول من خلال المكاشفة وان كانت مرّة، فهل نفعل؟.