سألني صديق ما هي مصلحتك في السباحة ضد التيار, عندما انتقدت في عدد من مقالاتك عدد من القضايا التي تجد قبولاً عند الناس كأسلوب استقبال الوزراء الذين ذهبوا إلى المحافظات لشرح مشروع قانون ضريبة الدخل, ثم عندما انتقدت من يكثرون من الحديث عن الفساد في الأردن واتهمتهم بأنهم يرسمون صورة مزيفة للأردن, وصولاً إلى مقالك الذي انتقدت فيه من يحاولون الوصول إلى حقوقهم بالقوة, والذي أسميته تطاولاً؟ وماعلاقة ذلك كله بدعوتكم في جماعة عمان لحوارات المستقبل لإطلاق سلسلة حوارات حول سبل تعزيز ذاتنا الوطنية فهل ذاتنا الوطنية بحاجة إلى تعزيز ؟
إجابتي على الشق الأول من أسئلة الصديق هي: أنني أعتقد أنه قد آن آوان مواجهة الناس بدورهم في خلق الأزمات التي يعيشها وطننا سياسياً واقتصادياً واجتماعياً, ثم بمسؤوليتهم في حل هذه الأزمات, مهما كانت هذه المصارحة قاسية ومؤلمة وغير شعبية, وهذا هو دور المسؤول أولاً, ثم دور كل من لديه إحساس بالمواطنة والخوف على الوطن, لذلك قيل أن "الرائد لا يكذب قومه" وقيل أيضاً " أن الأيدي المرتجفة لا تتخذ قرارات صعبة", ومن ثم فإنها لا تستطيع تحمل مسؤولية مواجهة الناس بحقائق الأوضاع الوطنية, وبدور الناس في صناعة هذه الحقائق.
وأضفت قائلاً للصديق: لعلنا في الأردن أشد الناس حاجة إلى مسؤولين من الذين لا ترتجف أيديهم عند اتخاذ قرارات صعبة, ولا تتلعثم ألسنتهم عندما يواجهون الناس, فلا يخفون عنهم الحقائق المؤلمة طلباً للشعبية الرخيصة, التي أصاب دائها الكثيرين من المسؤولين في بلدنا خلال السنوات الماضية, فاحترفوا ممارستين الأولى: النظر إلى الموقع العام على أنه تشريف ومغنم, لا على أنه تكليف قد يورث مغرماً, أما الثانية وهي نتيجة للأولى, وخلاصتها سياسة "وأنا مالي" التي مارسها صنف من المسؤولين, فأحجموا عن مصارحة الناس بأدوار هؤلاء الناس ومسؤولياتهم في صناعة الأزمات ودورهم في حلها, حتى وصلنا إلى مرحلة عنق الزجاجة التي استعصى علينا الخروج منها حتى الآن, لأن هذا الخروج يحتاج إلى قرارات صعبة لن تعجب الناس بالتأكيد, لكننا بحاجة إليها, حتى ولو اضطررنا إلى إغضاب الناس لإخراجهم مما هم فيه ففي الحديث النبوي "إن من الناس من يقاد إلى الجنة بسلاسل".