ما زالت سيرة الملك المؤسس عبدالله الاول ابن الحسين، تروي الكثير عن تضحياته وبذله لأجل قضايا الأمة، وفي مقدمتها القدس فقد كان يرتبط بعلاقة خاصة مع القدس، حتى استشهد على عتباتها.
ومن بين مواقفه (طيب الله ثراه) رسالة موجهة إلى المندوب السامي البريطاني واللجنة الموفدة من عصبة الأمم آنذاك، وإلى الأمة العربية الإسلامية.ففي عام 1930م، وبالتزامن مع ثورة البراق، قال الملك المؤسس: "دفاعاً عن حائط البراق بصفتي أقرب الأمراء جواراً لهذا المسجد المقدس... لقد استلفت النظر من الشريعة السمحاء والأحاديث النبوية... وما قام به الخليفة الثاني للمسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان أول من شرع في إقامة المسجد الأقصى يوم دخل بيت المقدس، فقد أكبّ نفسه الشريفة على موضع المسجد وحثا من التراب الذي كان يطمره في ذيل قبائه وأمر الألوف من المسلمين الملتفين حوله من الصحابة والمهاجرين والأنصار، أن يحذو حذوه ففعلوا، فكان لتلك المشاركة القدسية معناها وأثرها الديني الخالد".وأضاف: "لقد عزز الخليفة الثاني الحق الديني أيضا، للكنائس كافة في عهده المدون عنها أنها لا تهدم ولا ينتقص منها ولا من خيرها".وأنه لما كانت الحكومات الإسلامية كافة مرتبطة بذلك العهد السرمد فقد حذت ذلك الحذو... وإن أبناء البلاد المسلمين لم يترخصوا في حقهم الإسلامي لا قديماً ولا حديثاً.ويورد في هذه الوثيقة ما جاء في الكتاب الأبيض الإنكليزي ووافق عليه ملك بريطانيا "بأن الممر المتصل بالمسجد وقف إسلامي لا مناقشة فيه"؛ وهذه إشارة مهمة لتثبيت الحقوق باكرا.كما يورد الملك المؤسس بأن هذا أمر معروف ومتواتر بين العرب كافة من مسلمين وغير مسلمين، ويؤيده القرار الصادر في القدس من مجلس اللواء العثماني عام (1909) والذي جاء فيه "قد بدأوا وخلافاً للعادة بجلب كراسي ليقعدوا عليها أثناء الزيارة" وبذلك حظر هذا القرار على اليهود مخالفة هذه العادة القديمة وجاء في ختام القرار "وقد رؤي من الضروري عدم ترك المجال لأحد ما في وضع مثل هذه الأشياء والحفاظ على العادة القديمة.كما يورد الملك المؤسس ما جاء في وثيقة قبل هذه الوثيقة العثمانية، وذلك في غضون الفتح المصري عام (1841م) امر جاء فيه "إن ما ينويه اليهود غير جائز شرعاً".ويبين الملك المؤسس بأنه على اللجنة الموفدة من عصبة الأمم، بأن تعالج مسألة الجدار الغربي للمسجد الأقصى صيانة للسلام والحفاظ على حقوق الطوائف كافة، وأنه لا بد من إحقاق الحق وتوطيد الألفة والسلام.لقد اقتفى الملك المؤسسة أثر والده ملك العرب الشريف الحسين بن علي فيما يخص القدس والقضية الفلسطينية، وهذا ما تعكسه الوثائق من حرص ملوك بني هاشم على القدس وناداه العرب، في كثير من صحف فلسطين.. "أبو طلال محرّر القدس".خاصة بعد معارك الجيش العربي الذي قادها بنفسه، وكان يردد لا معنى لحياتي دون القدس، واستشهد في سبيلها عام (1951) فالقدس ارتبطت بملوك بني هاشم وستبقى في وجدانهم.وهي الآن في كنف الملك عبد الله الثاني ابن الحسين الهاشمي والذي أصبح رمزاً عربياً وإسلامياً وإنسانياً في دفاعه عن القدس ومقدساتها والوصي عليها من خلال مواقفه الموصولة، والوثيقة والشاهد هي أن الوصاية باقية حتى إحقاق الحق لأهله، ويوم توضع على الطاولة جميع الشواهد فسوف يكون الحق راسخا.الأقصى.. الحاضر في سير ملوك بني هاشم
د.محمد يونس العبادي
كاتب وأكاديمي أردني
كاتب وأكاديمي أردني
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ