قد لا تأخذ الحكومة بكل ما اقتنعت به من ملاحظات ومقترحات وجيهة انهمرت من مواطنين وخبراء حول قانون الضريبة مفضلة الاحتفاظ بها للحوار مع النواب لكي تمرر من خلالهم. مع ذلك لا بد أن أسلط الضوء لمرة أخيرة على محورين أساسيين في القانون جاءا بطريقة لا تترجم أبدا الرؤية التي طرحها رئيس الوزراء نفسه للنظام الضريبي؛ أي العدالة الاجتماعية والأثر الاقتصادي والاجتماعي التنموي للضريبة.
الشرائح والتصاعدية: يقتصر التصاعد في نسبة الضريبة على أول ألفي دينار من الدخل الشهري بعد الجزء المعفى! وهذا يتناقض مع رؤية الرئيس التي تتحدث عن تصاعدية أوسع تزيد مشاركة الأكثر غنى. في مشروع الحكومة تتصاعد نسبة الضريبة من 5 % على أول 5 آلاف دينار ثم 5 % إضافية عن كل 5 آلاف تالية وتتوقف عند 25 % على كل مبلغ فوق 25 ألف دينار. أي أن شرائح التصاعدية تبدأ من دخل فوق 1500 دينار للأسرة وتنتهي عند 3500 دينار، وهو سقف التصاعد القائم في القانون الحالي، ببينما خفضنا سقف الإعفاء تحت الحد القائم الآن وبذلك نكون قد عدلنا القانون ليزيد العبء على الفئات الوسطى ودون الوسطى، ونحن نفترض أن دخل 3500 دينار هذه الأيام في عمان يعني أنك ضمن الطبقة الوسطى.
وليس معقولا أن قانونا يهدف بصورة رئيسية حسب الأسباب الموجبة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتحميل الأكثر ثراء مسؤولية أعلى أن يوقف التصاعدية داخل حدي الطبقة الوسطى. ونعيد التنبيه أن النسبة على الشرائح العليا من ضريبة الدخل على الأفراد تصل مثلا الى 49 % في الدنمارك و46 % في فرنسا و39,6 % في الولايات المتحدة. وليس كثيرا أن نفرض ضريبة 35 % على دخول الأفراد التي تتجاوز 100 ألف دينار سنويا عندنا. وكنت قد وجهت على موقع الحكومة اقتراحا بزيادة عدد الشرائح الى 7 بدلا من 5 تبدأ بنسبة 3 % ثم 6 % ثم 9 % ثم 12 % ثم 15 %، ثم 25 % على الدخل فوق 25 ألف دينار ثم 30 % على الدخل فوق 100 ألف دينار. هذا أقل ما يمكن عمله لتطبيق التصاعد، والزيادة على الدخول العالية جدا تعوض التخفيض على الشرائح الأدنى.
الغد