أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات جامعات برلمانيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

باسل باوزير يكتب عن التكامل والتداخل بين الوظيفتين الدبلوماسية والقنصلية وفقاً للقانون الدولي والقانون اليمني

مدار الساعة,مقالات,وزارة الخارجية
مدار الساعة ـ
حجم الخط

كتب: د. باسل باوزير

تقوم البعثات الدبلوماسية والقنصلية للجمهورية اليمنية في الخارج بمهمتين أساسيتين: مهمة البعثات الدبلوماسية تمثيل اليمن خارجياً. أما مهمة البعثات القنصلية فتتمثل في رعاية مصالح اليمن ومواطنيها في الخارج. ورغم صعوبة الفصل بين المهمتين إلا أن ذلك لم يمنع من وجود قواعد قانونية دولية ووطنية تنظم كل منهما على حدة أو معاً بحسب طبيعة التشريعات الوطنية للدول. ففي الجمهورية اليمنية تنظم أحكام السلك الدبلوماسي والقنصلي في قانون واحد.

وبشكل عام فإن أغلب تشريعات الدول بهذا الشأن قد استقرت على أن تقوم البعثات الدبلوماسية بالوظائف القنصلية, وفي حالات معينة تقوم المراكز القنصلية بالوظائف الدبلوماسية. وقد وردت أحكام متعددة بهذا الخصوص في اتفاقيتي فيينا للعلاقات الدبلوماسية لسنة (1961) والعلاقات القنصلية لسنة (1963).

فقد نصت المادة (3/2) من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لسنة (1961), على : " لا يمكن تفسير أي حكم من أحكام هذه الاتفاقية على أنه يحظر على البعثة الدبلوماسية ممارسة الأعمال القنصلية" .

وتنص المادة الثالثة من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لسنة (1963), على: " تقوم البعثات القنصلية بالأعمال القنصلية كما تقوم بها أيضاً البعثات الدبلوماسية وفقاً لنصوص هذه الاتفاقية ".

نستنتج من مضمون النصين أعلاه بأن القانون الدولي الدبلوماسي والقنصلي قد قنن قيام البعثات الدبلوماسية بالوظائف القنصلية وأصبح ذلك التقنين بمثابة حكماً راسخاً من أحكام القانون الدولي الاتفاقي.

وقد أخذ قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي اليمني رقم (2) لسنة 1991 وتعديلاته بهذا الحكم, فقد نصت المادة العاشرة منه على: " يعتبر رئيس البعثة الدبلوماسية قنصلاً عاماً في دائرة اختصاص بعثته وبما لا يتعارض مع دوائر اختصاص البعثات القنصلية الصادر بإنشائها قرار من مجلس الوزراء" .

فالنص السابق يشير وبوضوح إلى أنه يجوز لرئيس البعثة الدبلوماسية القيام بالوظيفة القنصلية ويصبح بمثابة قنصلاً عاماً وذلك في حالة عدم وجود تمثيل قنصلي منشأ بقرار من مجلس الوزراء. والمتبع في البعثات الدبلوماسية اليمنية في الخارج أنها تتولى الوظيفة القنصلية إلى جانب مهامها الدبلوماسية.

وقد نظمت اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لسنة (1963) مجموعة من الاجراءات التي يجب أن تقوم بها البعثة الدبلوماسية قبل قيامها بالوظائف القنصلية. حيث نصت المادة (70) من الاتفاقية على:

1. تسري احكام هذه الاتفاقية كذلك في حدود ما تسمح به نصوصها في حالة مباشرة بعثة دبلوماسية للاعمال القنصلية .

2. تبلغ اسماء اعضاء البعثة الدبلوماسية المعينين للقسم القنصلي ، او المكلفين بالقيام بالاعمال القنصلية في البعثة الى وزارة خارجية الدولة الموفد اليها او الى السلطة التي تعينها هذه الوزارة.

3. عند القيام بالاعمال القنصلية يجوز للبعثة الدبلوماسية ان تتصل :

أ. بالسلطات المحلية في دائرة اختصاص القنصلية .

ب. بالسلطات المركزية في الدولة الموفد اليها اذا سمحت بذلك قوانين ولوائح وعرف الدولة الموفد اليها ، او تبعا للاتفاقات الدولية في هذا الصدد .

4. مزايا وحصانات اعضاء البعثة الدبلوماسية المذكورين في الفقرة (2) من هذه المادة يستمر تحديدها وفقا لقواعد القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الدبلوماسية .

يبنى على النص أعلاه عدد من الأحكام أهمها:

1- أنه يجوز للبعثات الدبلوماسة القيام بالوظائف القنصلية دون الحاجة إلى طلب موافقة بلد الاعتماد, ويكفي أن تقوم سفارة الدولة الموفدة بإبلاغ وزارة خارجية الدولة الموفد إليها بأسماء الموظفين الدبلوماسيين المنوط بهم القيام بالوظائف القنصلية. مرفق به نموذج عن توقيع الموظف المكلف بالعمل القنصلي لغايات اعتماده في الوثائق المصدقة من القسم القنصلي.

2- تقوم البعثة الدبلوماسية بتحديد دائرة اختصاص الوظيفة القنصلية التي تمارسها.

3- يجوز للقسم القنصلي المنشأ داخل البعثة الدبلوماسية بالتواصل مع السلطات المحلية للبلد الموفد إليه مباشرة دون المرور على وزارة خارجية البلد الموفد إليه. وذلك فيما يتعلق فقط بالشؤون القنصلية المتعلقة برعاية مصالح مواطنيها ذات الطبيعة غير السياسية أو الدبلوماسية, وبخلاف ذلك فإن التواصل يجب أن يكون من خلال وزارة خارجية البلد الموفد إليه.

وكما أجاز القانون الدولي للبعثات الدبلوماسية أن تقوم ممارسة الوظائف الدبلوماسية, فإنه أيضاً قد أجاز للموظف القنصلي بممارسة العمل الدبلوماسي وذلك في حال عدم وجود بعثة دبلوماسية للبلد الموفد. فنصت المادة (17/1) من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لسنة (1963) على :

" اذا لم يكن للدولة الموفدة بعثة دبلوماسية في دولة ما، ولا تمثلها فيها بعثة دبلوماسية لدولة ثالثة، فإنه يجوز لعضو قنصلي بموافقة الدولة الموفد اليها ودون أن يؤثر ذلك على طابعه القنصلي أن يُكلف بالقيام بأعمال دبلوماسية وقيامه بمثل هذه الأعمال لا يخوله أي حق في المزايا والحصانات الدبلوماسية".

يشير النص أعلاه إلى جملة من الأمور الهامة عند ممارسة الموظف القنصلي لأعمال دبلوماسية:

1- يخضع جواز قيام الموظف القنصلي بأعمال دبلوماسية لشرطين اثنين: عدم وجود بعثة دبلوماسية للدولة الموفدة ولا تمثلها دولة ثالثة. و موافقة الدولة الموفد إليها.

2- يجوز وفقاً للنص المذكور أن يقوم الموظف القنصلي بممارسة أعمال دبلوماسية في حدود ما تسمح به اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لسنة (1963).

3- لا يؤثر قيام الموظف القنصلي بأعمال دبلوماسية على وضعه القنصلي فلا يجوز له المطالبة بالامتيازات والحصانات الدبلوماسة.

وفي الجمهورية اليمنية فإن قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي تحسب لاحتمالية عدم وجود بعثة دبلوماسية فتقوم القنصلية بالأعمال الدبلوماسية على أن ترتبط مباشرة بالديوان العام لوزارة الخارجية اليمنية. حيث نصت المادة (20) من قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي على: "يرتبط القناصل العامون والقناصل للجمهورية بالديوان مباشرة اذا لم يوجد تمثيل دبلوماسي للجمهورية في الدولة التي يؤدون عملهم فيها".

ومن أهم الأسباب التي تدعو الدول لتكليف قنصلياتها بممارسة الأعمال الدبلوماسية هي عدم قدرتها المالية لفتح سفارة لها فتكتفي بالتمثيل القنصلي.

ونستنتج من كل ما ذُكر في هذا المقال الموجز بأن العلاقة بين الوظيفتين الدبلوماسية والقنصلية علاقة متكاملة ومتداخلة ومترابطة بحسب القواعد المنظمة لهذه العلاقة التي وردت في القانون الدولي الدبلوماسي, فعمق الترابط بين الوظيفتين الدبلوماسية والقنصلية يجعل من الصعوبة بمكان الفصل بينهما. وهو الأمر الذي حدا بأغلب الدول بتوحيد سلكيهما الدبلوماسي والقنصلي في سلك واحد. وهذا ما أخذت به وزارة الخارجية اليمنية بالنسبة إلى موظفي السلك الدبلوماسي الخارجي حيث يعمل الموظف الدبلوماسي في البعثة القنصلية أو يقوم بوظائف قنصلية داخل البعثة الدبلوماسية وكل ذلك كنتاج لتوحيد السلكين الدبلوماسي والقنصلي.

مدار الساعة ـ