أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات جامعات وفيات برلمانيات مناسبات مجتمع رياضة وظائف للأردنيين أحزاب أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مقالات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

ما هي فضيلة إطعام الطعام، وهل يقدم القريب على المسكين في الإطعام؟

مدار الساعة,شؤون دينية
مدار الساعة ـ
حجم الخط
مدار الساعة - السؤال:
ما هو أجر إطعام المسكين؟ وهل ورد عن بالقران والسنة أجر الإطعام؟ وكيف يكون؟
وهل أجر إطعام المسكين أفضل أم أجر إطعام أخت لها أولاد وزوجها عاطل عن العمل؟ وهل يحقق إطعامها أجر إطعام المحتاج؟
الجواب: الحمد لله.
الطعام من النعم العظيمة التي امتن الله بها على عباده، وذكّرهم بها من بداية خلقه، إلى أن وصل إليهم، مما يدل على أهميته في بقاء الحياة سواء في هذا البشر والحيوان.
﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى ‌طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) عبس/ 24-32.
وإطعام الطعام من الأعمال العظيمة التي جاءت نصوص الكتاب والسنة ببيان فضله وعظيم أجره، كما وردت الآثار ببيان اعتناء الصحابة ومن بعدهم من أهل القرون المفضلة به والحرص عليه. وليس أدل على عظم أجر الأطعام، من أن الله تعالى قد جعل إطعام الطعام في أكثر الكفارات في الشريعة.
أولاً: بعض ما ورد في الكتاب العزيز في فضل إطعام الطعام وعظيم الأجر المترتب عليه:
قال الله تعالى ممتدحاً الأبرار الذين يدخله الجنة:
(وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا) الإنسان/ 8 - 12.
قال ابن كثير رحمه الله:
‌"(ويطعمون ‌الطعام ‌على ‌حبه} قيل: على حب الله تعالى. وجعلوا الضمير عائدا إلى الله عز وجل لدلالة السياق عليه.
والأظهر: أن الضمير عائد على الطعام، أي: ويطعمون الطعام في حال محبتهم وشهوتهم له، قاله مجاهد، ومقاتل، واختاره ابن جرير، كقوله تعالى: وآتى المال على حبه [البقرة: 177]، وكقوله تعالى: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون [آل عمران: 92]. انتهى من "تفسير ابن كثير" (8/ 288).
وقال تعالى مبيناً ما يتجاوز به المرء عقبات يوم القيامة: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي ‌مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ) البلد/ 12-16.
قال القرطبي رحمه الله:
"وإطعام الطعام فضيلة، وهو مع السغب -الذي هو الجوع-: أفضل.
وقال النخعي في قوله تعالى: ‌(أو ‌إطعام ‌في ‌يوم ‌ذي ‌مسغبة) قال: في يوم عزيزٍ فيه الطعام". انتهى من "تفسير القرطبي" (20/ 69).
كما أن إطعام الطعام من الطرق الموصلة إلى مرحلة البر التي يحبها الله.
قال تعالى: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا ‌تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ [آل عمران: 92]
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إطعام الطعام، إكراما وصدقة، قال الله تعالى :
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى ‌طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا [الأحزاب: 53]
ثانياً: بعض ما ورد في السنة النبوية في فضل إطعام الطعام وعظيم الأجر المترتب عليه:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رجلا سأل النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟
قَالَ: (‌تُطْعِمُ ‌الطَّعَامَ، ‌وَتَقْرَأُ ‌السَّلَامَ ‌عَلَى ‌من عرفت ومن لم تعرف) رواه البخاري رقم (١٢)، وبوَّب له في صحيحه: باب: إطعام الطعام من الإسلام.
وعن عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (‌اتَّقُوا ‌النَّارَ ‌وَلَوْ ‌بشق ‌تمرة) رواه البخاري (1351) ومسلم (1016).
وعن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعثه إلى قوم، فقال: يا رسول الله، أوصني؟
قال: (أفش السلام وابذل الطعام، واستحي من الله استحياءك رجلًا من أهلك، وإذا أسأت فأحسن، ولتحسن خُلقك ما استطعت) رواه البزار (٢١٧٢)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم (٣٥٥٩).
وعن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ، وَقِيلَ: قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ، قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ثَلَاثًا، فَجِئْتُ فِي النَّاسِ، لِأَنْظُرَ، فَلَمَّا تَبَيَّنْتُ وَجْهَهُ، عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ، أَنْ قَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، ‌وَصِلُوا ‌الْأَرْحَامَ، ‌وَصَلُّوا ‌بِاللَّيْلِ، ‌وَالنَّاسُ ‌نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ) رواه ابن ماجة (3251) وصححه الألباني.
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ اللهَ ‌لَيُرَبِّي ‌لِأَحَدِكُمُ ‌التَّمْرَةَ، ‌وَاللُّقْمَةَ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ أُحُدٍ) رواه أحمد (26135).
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "‌أَحَبُّ ‌النَّاسِ ‌إِلَى ‌اللهِ ‌تَعَالَى ‌أَنْفَعُهُمْ ‌لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا...) رواه الطبراني في الكبير (13646) وصححه الألباني في "الصحيحة" (‌‌906).
ثالثاً: بعض ما ورد من الآثار عن الصحابة والتابعين الكرام التي تبين الاعتناء بإطعام الطعام.
عن صهيب رضي الله عنه قال: قال عمر: أي رجل أنت، لولا خصال ثلاث فيك! قال: وما هن؟ فذكر منهنَّ: وفيك سرف في الطعام، فقال: وأما قولك: فيك سرف في الطعام، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (خياركم من أطعم الطعام). رواه أحمد (23929). وصححه الألباني في "السلسة الصحيحة" (٤٤).
وعَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: "لَأَنْ ‌أَقُوتَ ‌أَهْلَ ‌بَيْتٍ ‌بِالْمَدِينَةِ ‌صَاعًا ‌كُلَّ ‌يَوْمٍ، أَوْ كُلَّ يَوْمٍ صَاعَيْنِ شَهْرًا، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حَجَّةٍ فِي إِثْرِ حَجَّةٍ" رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (13186).
قال ابن مفلح: (وهل حج التطوع أفضل من صدقة التطوع؟ سأل حرب أحمد: يحج نفلًا، أم يصل قرابته؟
قال: إن كانوا محتاجين؛ يصلهم، أحب إلي.
وفي رواية: وإن قرابته فقراء؟ فقال أحمد: يضعها في أكباد جائعة أحب إلي" انتهى من "الفروع وتصحيح الفروع" (4/ 385-386).
قال أبو السوار العدوي: "كان رجال من بني عدي يُصلُّون في هذا المسجد، ما أفطر أحد منهم على طعامٍ قط وحده، إن وجد من يأكل معه أكل، وإلا أخرج طعامه إلى المسجد، فأكله مع الناس، وأكل الناس معه". انتهى من "الكرم والجود للبرجلاني" (ص53).
ومما سبق يتبين عظم فضيلة إطعام الطعام، وما يترتب عليه من الأجر؛ بل حتى إطعام الحيوانات والدواب له فيها أجر، لحديث قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا؟ قَالَ: (‌فِي ‌كُلِّ ‌كَبِدٍ ‌رَطْبَةٍ أَجْرٌ) رواه البخاري (2234).
رابعاً: الترهيب من عدم إطعام الطعام.
ومما يدل على أهمية إطعام الطعام ما ورد في الترهيب من عدم إطعام الطعام أو الحض على منعه.
قال تعالى في صفات من أوتي كتابه بشماله: (‌خُذُوهُ ‌فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) الحاقة/ 30-34.
وقال سبحانه: (كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * ‌وَلَا ‌تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ) الفجر/ 17-18.
وقال سبحانه: (أَرَأَيْتَ الَّذِي ‌يُكَذِّبُ ‌بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ* وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) الماعون/ 1-3.
وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وأَيُّما أهلُ ‌عَرْصَةٍ ‌أصبح ‌فيهم ‌امرؤ ‌جائع، فقد برئتْ منهم ذمة الله تعالى) رواه أحمد (4880) وصححه أحمد شاكر.
خامساً: تقديم القرابة بالصدقة والمعروف.
أما عن التفضيل بين إطعام القريب والمسكين غير القريب.
فلا شك أن إطعام أختك وأولادها الذين لهم أب عاطل عن العمل: أفضل وأكثر أجراً من إطعام غيرهم، فهو صدقة، وإطعام مساكين، كما هو الظاهر من حالهم؛ ثم هو صلة للرحم القريبة التي أمر الله أن توصل. وقد جاء في النصوص التي حثت على البداءة بالأقربين في الصدقة قبل غيرهم. قال الله تعالى:(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ‌وَبِذِي ‌الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ...الآية) النساء/ 36. وقال تعالى: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى ‌حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا) الإسراء/ 26.
قال ابن سعدي رحمه الله: " وخص الله إيتاء ذي القربى -وإن كان داخلا في العموم- لتأكد حقهم، وتعيُّن صلتهم وبِرهم، والحرص على ذلك.
ويدخل في ذلك جميع الأقارب، قريبهم وبعيدهم؛ لكنْ كلُّ ما كان أقرب، كان أحق بالبر" انتهى من "تفسير السعدي" (ص447).
وعن أبي هريرة. قال: قال رجل: يا رسول الله! من أحق بحسن الصحبة؟ قال "أمك. ثم أمك. ثم أمك. ثم أبوك. ‌ثم ‌أدناك، ‌أدناك" رواه مسلم (2548).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: (دِينَارٌ أَنْفَقْته فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْته فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْته عَلَى أَهْلِك، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْته عَلَى أَهْلِك) مسلم (995).
قال النووي رحمه الله:
"أجمعت الأمة على أن الصدقة على الأقارب أفضل من الأجانب، والأحاديث في المسألة كثيرة مشهور ...
قال أصحابنا: ويستحب تخصيص الأقارب على الأجانب بالزكاة، حيث يجوز دفعها إليهم، كما قلنا في صدقة التطوع، ولا فرق بينهما، وهكذا الكفارات، والنذور والوصايا، والأوقاف، وسائر جهات البر، يستحب تقديم الأقارب فيها حيث يكونون بصفة الاستحقاق" انتهى من "المجموع" (2/235).
وقال ابن القيم رحمه الله:
"جعل سبحانه حق ذي القربى يلي حق الوالدين، كما جعله النبي - صلى الله عليه وسلم - سواء بسواء، وأخبر سبحانه أن لذي القربى حقا على قرابته، وأمر بإيتائه إياه... وأمر تعالى بالإحسان إلى ذي القربى، ومن أعظم الإساءة أن يراه يموت جوعا وعريا، وهو قادر على سد خلته وستر عورته، ولا يطعمه لقمة، ولا يستر له عورة؛ إلا بأن يقرضه ذلك في ذمته" انتهى من "زاد المعاد" (6/ 147).
والله أعلم
مدار الساعة ـ