مدار الساعة - السؤال:
عندما كنت صغيرا قبل البلوغ سرقت سجائر من أحد أقاربنا، والآن ندمت على هذا الفعل، فهل يجب علي أن أعطيه ثمن السجائر التي سرقتها؟ أم أتصدق بهذا المبلغ؟ الجواب: الحمد لله.
السرقة محرمة، وهي من كبائر الذنوب؛ لقوله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ المائدة/38
وروى البخاري (6783)، ومسلم (1687) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ قَالَ الْأَعْمَشُ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ بَيْضُ الْحَدِيدِ، وَالْحَبْلُ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْهَا مَا يَسْوَى دَرَاهِمَ".
وإذا كانت السرقة قبل البلوغ، فلا إثم عليك، ويلزمك رد المال المسروق لو كان مباحا.
وأما السجاير فمحرمة، ويلزم القادر إتلافها، ولا ضمان على متلفها؛ لأنها ليست مالا متقوما شرعا.
قال المرداوي رحمه الله في "الإنصاف" (6/ 247): "قوله (ومن أتلف مزمارا، أو طنبورا، أو صليبا، أو كسر إناء فضة، أو ذهب، أو إناء خمر: لم يضمنه)، وكذا العود، والطبل، والنرد، وآلة السحر، والتعزيم، والتنجيم، وصور خيال، والأوثان والأصنام، وكتب المبتدعة المضلة، وكتب الكفر ونحو ذلك" انتهى.
وفصل الشافعية في إتلاف المحرم بين ما يمكن أن ينتفع به بعد الإتلاف، وما لا يمكن.
قال الرملي رحمه الله في "نهاية المحتاج" (5/ 168): "(والأصنام) والصلبان (وآلات الملاهي) كطنبور ومثلها الأواني المحرمة (لا يجب في إبطالها شيء) لأن منفعتها محرمة، والمحرم لا يقابل بشيء مع وجوب إبطالها على القادر عليه، أما آلة لهو غير محرمة كدف، فيحرم كسرها ويجب أرشها (والأصح أنها لا تكسر الكسر الفاحش) لإمكان إزالة الهيئة المحرمة مع بقاء بعض المالية (بل تفصل، لتعود كما قبل التأليف) لزوال اسمها وهيئتها المحرمة بذلك، فلا تكفي إزالة الأوتار مع بقاء الجلد اتفاقا" انتهى.
وقال الماوردي في "الحاوي" (13/ 350): "قال الشافعي: " ولا يقطع في طنبور ولا مزمار ولا خمر ولا خنزير)".
ثم ذكر تفصيلا في المسروقات المحرمة، إلى أن قال: "وإن لم يكن على الملاهي ذهب ولا فضة فضربان: أحدهما: أن لا يصلح بعد تفصيله لغير الملاهي، فلا قيمة على متلفه، ولا قطع على سارقه.
والضرب الثاني: أن يصلح بعد التفصيل لغير الملاهي، فعلى متلفه قيمته مفصلا، وفي وجوب قطع سارقه وجهان" انتهى.
والسجاير لا تصلح لشيء بعد إتلافها، فلا ضمان فيها على مذهب الشافعية أيضا.
وعليه: فالسجاير لا ترد لصاحبها، ولا يتصدق بقيمتها؛ لما تقدم أنه لا ضمان على متلفها.
لكن إن كنت سرقتها منه، ولم تتلفها، وإنما أخذتها لحظ نفسك؛ فالأحوط لك أن تتصدق بقيمتها عنه، أو تضع في مال صاحب السجائر من المنافع المباحة، ما يساوي قيمة هذه السجائر.