ليس بجديد أن يعيد الرئيس ترامب طرح أفكاره المتعلقة بالتهجير، ويتحدث عن نقل سكان غزة، وأن يطرح مشروعه المرفوض فلسطينيا من قبل سكان القطاع بالأصل.
ولكن الجديد هذه المرة أن طروحات ترامب تأتي بعد عام ونصف العام من حرب صعبة، اكتوى الغزيون بلهيب نارها، وفي وقت يشعر فيه اليمين المتطرف في إسرائيل بنشوة موهومةوتعطش للدماء.
نحن في الأردن اعتدنا على الصعاب، وعلى التعامل مع طروحات خطيرة، رغم إدراكنا أن الطرح الحالي يصنف ضمن الأخطر، وأن ما فشلت بتمريره صفقة القرن يعود إلينا اليوم بمسميات أخرى، بينها نقل سكان من القطاع ومؤقتا، ولحين الإعمار.. وما إلى ذلك.
ولكن الإشكالية اننا اليوم نتعامل مع عقلية أميركية مختلفة، ترى في كل شيء سهل الفك والتركيب، وتخالف المنطق الدولي السائد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بألا تغيير في الحدود الدولية، ومن أراد الاستزادة فليتأمل تصريحات ترامب عن ضم كندا وغرينلاند.
على أية حال هذا الطرح في منطقتنا، وصيغ التهجير، تتناقض كليا مع أي حديث عن السلام ومقارباته، وهي تهدد بإضرام نار كبيرة في المنطقة، تتجاوز في لهيبها ما عاشته المنطقة من فصول على مدار عام ونصف العام.
وهذا أمر ينبغي ان يدركه بدايةً اليمين المتفلت في إسرائيل الذي كلما اتسعت عليه دائرة الحرب أصبح في مأزق أعمق.
وهو لا يريد بغروره أن يرى أن هذه الطروحات لا مكان لها إلا في مخياله المريض، فلا يمكن أن ينعم بسلام وهو يقود حربا ولا يرى فيها إلا انتصارات وما هي إلا دوامات تضيق الخناق عليه.
بالنسبة لنا في هذا البلد، فموقفنا واضح بدءا من قيادتنا التي أكدت ب لاءاتها الثلاث قبل أعوام، ألا تنازلات وأن أي حديث عن التهجير هو بمثابة إعلان حرب.
وإن كان البعض يتحدث من منطق التغيير بعد كل هذه الأعوام، فنحن لم نتغير، ورغم كل الفضاء المحلي المليء بالعناوين، إلا أن هناك إيماناً واسعاً بأن هذا البلد العزيز قادر على الوقوف بوجه أي مشروع بمهمة ملكنا، وجيشنا، وشعبنا.
ومهما كانت تصريحات ترامب، سواء كانت جدية في الطرح أم لا.. أو تختبر مدى تغيرنا، إلا أننا على منازلنا، وموقفنا، ولا نساوم على أي حق أردني.
هناك تيار اليوم من تل أبيب إلى واشنطن يرى في كل ما يجري من خراب وتشريد وظلم بأنه باب لمخططاته، وفشل في أطروحة التدمير أن ينفذ واليوم يعود بذريعة الإعمار، وهذا أمر لن يكون، مهما تقادمت الظروف، ومهما تعددت الأوراق والتلويح بالخيارات.
حمى الله الوطن الهاشمي عزيزا كريما.