إذا أردنا قراءة اقتراح ترامب بتمعن، نجد أنه مشروع غير قابل للتطبيق لسببين رئيسيين: الأول غياب الجوار الجغرافي بين غزة والأردن، حيث أن غزة تقع على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، بينما الأردن يقع إلى الشرق من فلسطين، مما يجعل التنقل أو التهجير المباشر شبه مستحيل. الثاني تمسك الغزيين بأرضهم، وهو ما أكدته المقاومة خلال تبادل الأسرى من خلال إرسال صور تشير إلى أنها تعيد بناء نفسها من جديد، ما يعكس استعدادها لمواجهة أي محاولات لتهجيرها.
أما في الأردن، يُطرح اسمنا عمدًا كجزء من هذه الخطة بهدف خلق نوع من الرفض الظاهري للمقترح الأول، مما يجعل الأردن في وضعية “الرفض” في نظر المجتمع الدولي، وهو ما يعزز الضغط علينا للموافقة على المقترح الثاني، الذي قد يكون أكثر تعقيدًا وخطورة. المقترح الثاني يتمثل في تهجير سكان الضفة الغربية إلى الأردن، مما يشكل تهديدًا مباشرًا للأردن، حيث قد تؤدي إلى ضغط ديموغرافي هائل على الدولة، مع تأثيرات سياسية استراتيجية عميقة على الهوية الوطنية الأردنية والقضية الفلسطينية بشكل عام.
نظرية “الضغط” (Coercion Theory) في العلاقات الدولية تشرح كيفية استخدام الدول للتهديدات الاقتصادية أو السياسية لفرض قرارات معينة. قرار وقف المساعدات الأمريكية عن الأردن لمدة ثلاثة أشهر يمكن فهمه كجزء من هذا التكتيك، حيث يتم الضغط على الأردن لرفض المقترح الأول بشكل علني، ما يمهد الطريق للضغط عليه لاحقًا لقبول التغييرات الأكبر التي يسعى لها ترامب في المراحل القادمة. هذا يشكل محاولة لتوجيه السياسة الأردنية وفقًا للأهداف الأمريكية الاستراتيجية.
في ضوء هذه التحولات الجيوسياسية، على الدولة الأردنية أن تتبنى سياسة دبلوماسية أكثر شجاعة وأن تتخذ خطوات استراتيجية للحفاظ على سيادتها وحقوقها في المنطقة. هذا التحدي الكبير يتطلب منا، كمواطنين، أن نضع خلافاتنا جانبًا ونتوحد خلف قيادتنا لمواجهة هذا التهديد المستمر الذي يستهدف الأردن وفلسطين على حد سواء.