مدار الساعة - كتب: حمزة السحيمات - بعد نحو أسبوعين من إسقاط نظام الأسد في سوريا، بدأت الأمور تتضح تدريجياً بشأن شكل القيادة الجديدة –المؤقتة- بقيادة زعيم هيئة تحرير الشام أحمد الشرع. فمعظم الدول الأجنبية والعربية ترى في تصريحات وبعض تصرفات القيادة الجديدة تحمل مؤشرات تشير إلى اتجاه إيجابي وتبعث على الاطمئنان.
هيئة تحرير الشام، في الوقت الحالي، هي كيان أكبر من مجرد جماعة مسلحة، لكنها ما زالت أقل من أن تكون دولة! وهنا إن ارادت أن يكون لها مساحة واسعة في الحكم والسلطة فلابد أن تتحرر من كونها مجرد جماعة إلى أن تصبح ممثلة لدولة لها حدودها وامكانياتها وتحالفاتها. وعليها أن تدرك أنها أصبحت جزءًا من نظام عالمي له قوانينه وتشريعاته وتحالفاته، وإلا فإن السير بعكس هذا الاتجاه، محكوم عليه بالفشل حتمًا.
سابقًا، -كما يقول أحد المحللين- في منطقتنا كنّا أمام خيارين من تيارات الحركات الإسلامية: إما تيار إسلامي معتدل متمثل بجماعة الإخوان المسلمين ومن يماثلهم، أو تيار إسلامي جهادي متشدد تمثل بداعش والقاعدة. أما اليوم، فنحن حسب ما نسمع ونشاهد أمام تيار إسلامي معتدل ولكنه يمتلك القوة العسكرية والعقيدة الجهادية التي حرر بها سوريا. وهذا التيار الجديد أمام اختبار كبير لن تظهر نتائجه سريعاً.
اليوم، الهيئة تحت المجهر دولياً وإقليمياً، ويطرح البعض السؤال: هل ستفرض لونها وفكرها على الشعب السوري؟ أم ستكون معتدلة وتأخذ برأي الأغلبية في تحديد شكل سوريا المستقبل؟ برأيي، فإن الهيئة إما أن تقدم النموذج الذي يريده السوريون، أو أن ينبذها.
فالسوريون اليوم ليسوا كما كانوا بالأمس؛ فبعد سقوط النظام السوري وكسر الأغلال التي قيدت أجسادهم وعقولهم طيلة خمسة عقود، أصبحوا أكثر حريةً ونضجاً. فلقد أخذت ثورتهم على النظام وقتاً طويلاً، لأكثر من عقد، بخلاف بقية الدول التي اسقطت انظمتها التي لم تتجاوز سوى عدة أيام أو أشهر، كما حدث في مصر وتونس وليبيا، مما اكسبهم نضجاً سياسياً ووعياً لما تحتاجه دولتهم.
ما تحتاجهُ سوريا في المرحلة الحالية من الحكومة الانتقالية المؤقتة أن تعمل على بناء مؤسسات دولة حقيقية، ضمن قوانين ناظمة وتشريعات عادلة، بعيداً عن التناحر السياسي، الذي ربما يحتاج إلى وقت ليصل إلى مرحلة الاستقرار والاستمرار.