فاز ترمب في ولايةٍ ثانيةٍ.. وهي بحسب المحللين مختلفة عن الأولى، فالرجل بعد ما مر به من تجارب، أصبح يوصف بأنه نسخة جديدة، مختلفة عن الأولى.
هذا التغيير في أميركا سيكون له ما بعده، وله أسبابه الموضوعية أيضاً، بدءاً بالأسباب الداخلية الأميركية.. حيث همومهم هم، في الاقتصاد والإدارة العامة، وقضايا المهاجرين، إلى غيرها مما كانت تحكيه استطلاعات الرأي.
ولكن، لربما وبحسب ما تتحدث به التحليلات، لهذا التغيير أسباب متعلقة بحروب مشتعلة في مقدمتها الحرب في منطقتنا، بلبنان وغزة، وحرب أوكرانيا.. والاستراتيجية الأميركية تجاه الصين، حيث خلاف حول الأخيرة بين الديمقراطيين والجمهوريين على حجم الخطر الذي تراه واشنطن وكيفية احتوائه.
ولكن، يبرز سؤال كبير في أذهان أبناء منطقتنا، ووطننا بشكل خاص عن ترمب وولايته الثانية، وأية رؤية تحملها هذه الإدارة المقبلة لمنطقتنا، بخاصة وأن إرث ترمب معنا فيه حمولة كبيرة بينها التسويات وصفقة القرن.
في هذا الأمر الجديد ليس ترمب وحسب، بل الجديد الذي يجب أن ندركه أن ليس ترمب وحده من تغيّر، ومرّ بظروفٍ على مدار سنوات لربما خلقت منه إنساناً أو قائداً آخر غير الذي عرفناه في ولايته الأولى عام 2016م.
فالمنطقة أيضاً، تغيرت وأصبحت ذات ملامح أخرى وقوىً جديدة رتبتها حروب إسرائيل في المنطقة بدايةً، فما رآه ترمب في المنطقة عام 2016 شيء، وما نحن عليه اليوم شيء آخر.
ترمب في أحاديث عدّة وحين التقى ناخبيه وعد بأن يوقف الحروب في منطقتنا، وفي أوكرانيا.. وانتقد استمرارها حتى اليوم، وهو عنوان كان جاذباً لمناصريه من العرب والمسلمين في أميركا.
والرجل نادى بصيغةٍ لم يعرب عنها، والتقى أبناء جالية عربية في ولاية ميشيغن وغيرها، وحظي بتأييد هناك بسبب طرحه بإيقاف الحرب.
واليوم، الدول العربية مدركة بأن أيّ تسويةٍ يريد ترمب طرحها عليها أن تراعي ظروف القضية الفلسطينية، وعناوين العدالة لأجلها، وبداية هذا الأمر هو إيقاف الحرب، وما سببته من آلامٍ ومواجع لا يمكن أن يكون ذا صيغة اقتصادية كما كان الرجل يطرح في عهدته الأولى.
أردنياً، فإننا في بلدٍ مستقرٍ له رصيده السياسي، وأدواته أيضاً، ولديه خطاب بفضل قيادته الهاشمية يلقى كل الترحاب في دول العالم ومراكز صنع القرار، ونحن أصحاب مقاربة عدالةٍ لفلسطين وقضيتها وطروحات الأردن تتفق مع أحاديث ترمب عن الاستقرار والسلم، وبالأصل هذا ما تتطلع إليه المنطقة خاصة بعد التغييرات الكبيرة التي شهدتها، ومنسوب الألم الذي عاشته جراء الحروب وتداعياتها الإنسانية.
وبانتظار تنصيب ترمب حيث الرئيس الـ 47 لأميركا، فإن المنطقة بحاجة لأن تلتقط أنفاسها، وبحاجة لمقاربة سياسية عادلة قبل أيّ طرحٍ اقتصادي.