ما يجري في لبنان ليس حربا عادية، بل هي إحدى نسخ حروب إسرائيل الجديدة التي أطلقت أولاها في قطاع غزة، حتى أن تبعاتها أصبحت جاثمة على صدور العالم كافة، حيال عجزه عن إيقافها بعد كل هذه المأساة.
إن الحرب في لبنان ذات خطورة خاصة نتيجة لتشابكها وعقدها المتصلة والممتدة، نتيجة تركيبته الاجتماعية إلى العالم كله، ويبدو أن نتنياهو يستعجل الوقت لتحقيق مكاسبه ومراميه مسلحا بظرف العالم، أو قل عجزه، ما يضع منطقتنا على حافة أكثر حدية من سابقاتها.
الإشكالية في حرب لبنان أنها جاءت والبلد مثقل بأزمات اقتصادية واجتماعية شتى، وأن ذاكرة لبنان مثقلة بهموم الحروب، والاقتتال، فنحن أمام حالة معقدة، تعبر عنها تصريحات الزعماء والمسؤولين هناك.. فهي تصريحات تكشف أن الحرب كشفت "هوة" الخلافات التي كانت مستترة بالوضع الأستاتيكي منذ نحو عشرين عاما، فجاءت هذه الحرب وكشفت كل العورات.
على أية حال، الظرف في لبنان اليوم ليس سياسيا وحسب، فهمومنا في العالم العربي مألوفة في السياسة.
ولكن، نحن على أبواب الشتاء، وحجم النزوح كبير من الجنوب تجاه الشمال وغيره، ومهما كان حجم المساعدات كبيرا، ولكنها بالوصف الدقيق "نكبة" أخرى تضاف إلى غزة.
ويذكر المتابعون للشأن اللبناني أن بدايات الحرب الأهلية كانت قبل عقود ذات أصول مجتمعية ولتعد على الأملاك الخاصة وهي ظواهر تتشابه مع ظروف اليوم.
والسؤال الكبير اليوم.. هل منطقتنا ينقصها مزيد من الأزمات، أو حتى المشاريع، ومن يوقف هذا الجنون كله، ونحن نرى عالما يدير لنا الظهر ويبحث عن مصالحه من مخرجات هذه الدوامة، والعبثية التي لها أسبابها وعلى رأسها غياب العدالة.
إن حرب لبنان اليوم في بداياتها قياسا لما يفكر به اليمين في إسرائيل، ويبدو أن حلفاء لبنان شرقا لم يكونوا يرون في هذا البلد سوى أداة مصلحة ومساومات، والمطلوب اليوم من دول المنطقة العربية تحديدا ألا تترك لبنان مرة أخرى، وحديث لبنان هنا عن لبنان الإنسان، فلا نريد محنة أخرى فيكفينا فلسطين ومشاهد القلق من غزة والضفة!.