لا شد أن ما نعانيه اليوم من مشاكل اقتصادية ليس مرتبطاً بالظرف الداخلي وحده، بقدر ارتباطه الكبير بما مرت به المنطقة من تحولات عميقة، طالت شكل المجتمعات العربية وأسلوب إدارتها ليومياتها وتدبر عيشها.
لم نكن بعيدين عن هذه المتغيرات التي بدأت منذ عقود وتصاعدت وصولاً إلى الشكل الذي نحن عليه اليوم، من ازدياد نسب البطالة وحالة التذمر جراء الضيق الاقتصادي.
الأردن، تحمل وتيرة المتغيرات بشكل مضاعف، يعبر عنه ليس أسلوب الحياة اليومية الذي انتقل من الاعتماد على الوظيفة وأشكال الريف واقتصاده إلى شكل حياة آخر، يرنو إلى الرفاهية والدخل الجيد، وهذا ما لا تستطيع الحكومة وباقي الحكومات بالعالم تدبيره.
فمن الريف إلى التعليم كانت درباً طويلة، وتعايشنا معها كمجتمع أردني، ومن الوظيفة إلى شكل الحياة اليوم القائم على المهارات وأشكال السوق الحر، والحدّ من دور القطاع العام كقطاع قادر على تأمين حياة الرفاهية لم يعد قادراً على توفيرها للموظفين، فضلاً عن محدودية الموارد وعدم المقدرة على التوظيف.
يقابل هذا أردنياً، فشل بعض جوانب الادارات الحكومية في التعاطي مع الأدوات الجديدة للاقتصاد من جلب الاستثمارات وتوفير التسهيلات وربط القاعدة الأكاديمية بحاجات القطاع الخاص، يضاف لها ظروف ضاغطة جراء ما عاشته سوريا والعراق، وصولاً إلى بدء ولوج أجيال جديدة إلى السوق الخليجية تطمح إلى أن تأخذ دورها كبديل عن الأيدي العاملة العربية.
هذه المشاكل التي هي عميقة، رافقها الصور النمطية لحياة الرفاه التي بنتها وسائل التواصل الاجتماعي، وضيق فرص الحصول على المال في اقتصادٍ ما زال يعاني من شح موارده وحصار خانق.
مشاكل الأردن كبيرة، زاد عليها اللجوء الكثير من الأعباء، وما شهدناه من متغيرات في الأعوام الخمس الأخيرة وصولاً إلى اليوم يتزايد بالتصاعد.
الادارة العامة في الأردن اليوم، ما زالت غير قادرة على تقدير كثير من ظروف الناس ويومياتهم بالسعي لتدبير الرزق، الذي تغيرت موارده، وغير قادرة على بناء الموارد الجديدة بشكل مستدام..
إذاً، ما الحل؟ ومن قادر على اجتراح الحلول بويترة أسرع تتغلب على هموم الناس ولا تتجاوزها، وتخلق الأفق المتاح والذي بدأ بالتعبير عن ذاته بتسارع مرحلة جديدة من الانفراج من دول الجوار..
الأصلح اليوم، هو أن يكون المسؤولون مع الناس وبينهم قبل اقدامهم على أي قرار، لا للحوار وحسب، بل للإحساس بحالات التذمر والسعي لخفضها لا لإبداء المفاجأة من نتائج القرارات المتخذة..
هناك الكثير ليقال، ولكن هناك أكثر ما يمكن عمله..
حمى الله الأردن