الانتخابات المقبلة مهمة، ولها العديد من الدلالات، بأبعادٍ داخلية، وخارجية أيضا، فمن جهة المشاركة، ونوعية التمثيل المطلوب، فإن المطلوب بعد مناخات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، برلمان قادر على الترجمة.
فنحن في دورةٍ قانونية جديدة أيضاً، وتسلتزم المزيد من خطابات ورؤىً برامجية، لا تقتصر على تكرار ذات الخطابات السابقة، وهذا أمر يلحظ المتابع أنه ما زال بحاجةٍ إلى جهدٍ من المترشحين والأحزاب، إذ يقع عليهم عاتق مهم في هذه التجربة.
وأهمية هذه الانتخابات داخلياً أيضاً، في أنها تعطي مؤشراً إلى أين وصلنا، وتقييم تجربة الإصلاح السياسي في خطاها الأولى، وأعتقد أن هذا المجلس سيكون له دور في تقييم هذه التجربة، وإن كانت قوانينها بحاجةٍ إلى أي تعديل، أو تقويم صوب ما نريد، ووفق الرؤية الملكية.
وأيضاً، أهمية هذه الانتخابات في أنها ستثبت مقدرة الأردن على المضي في تجربته والتطلع إلى مستقبله رغم ظروف الإقليم الصعبة، فأن تجري انتخاباتٍ وسط هذه الظروف وضمن هذه الجغرافيا السياسية، ففي هذا رسالة للعالم أن الأردن قويٌ، وقادر على التطلع لحاضر ومستقبل شعبه.
ورغم اختلاف الظرف حيث كان صحياً في الانتخابات الماضية، حيث وباء كورونا، نظم الأردن الانتخابات وأفرز مجلساً نيابياً رغم اختلافنا عليه.
واليوم، وضمن هذه الظروف السياسية، فإن هذه الانتخابات استثنائية في ظرفٍ استثنائي، وفي سياق رؤيةٍ مستقبليةٍ للأردن تتجاوز حاضره إلى مستقبله... وندرك في طرحنا هذا حديث كثيرين عن العزوف وانتقادات غياب البرامجية عن مساحات واسعة من حوارنا الانتخابي.
وقد تكون نسبة المشاركة هي الأهم، كونها واحدة من المؤشرات التي تظهر مدى نجاح التجربة.. لذا، فإن المطلوب أكبر من المترشحين، وبخاصة الحزبيين منهم، لبناء الثقة بطرحهم وبالتالي بالتجربة ككل.
بقي نحو شهرين على هذه الانتخابات، وبحاجة إلى تفعيل النقاش البرامجي، وأن يكون ضمن حالة حواراتنا الوطنية المعتادة، والمتأصلة منذ عشرات السنوات، بأن يكون حواراً راقياً يفكر باجتراح الحلول لمشاكل ندرك عمقها في مجتمعنا الأردن، وبخاصة لهموم الناس المتصلة بالبطالة، والوضع الاقتصادي، وبالضرورة أيضاً، وضعنا السياسي، وحالتنا الأردنية بتطويرها، والبناء على ما راكمته عبر سنوات.
وبالعودة إلى الرسائل الخارجية لهذه الانتخابات، فهي تعبر عنّا كوطنٍ كيف نفكر، وكيف تكون في بلدٍ يستطيع أن يصوغ رؤيته، وبالأصل الحالة الأردنية استثنائية في الأقليم، صاغتها رؤية قيادتنا الهاشمية الطموحة، والتي تأخذ بالاعتبار مصلحة الأردن في أبعاده كافة، فنحن في وطن يستطيع أن يؤصل تجاربه، ويستمر برغم التحديات التي ندرك أنها كبيرة، وهي نتيجة هموم خارجية ندركها أيضاً، بدءاً بفلسطين وأوضاع غزة، وليس انتهاءً بهموم الأشقاء من جيراننا بسوريا والعراق، وحتى أوضاع الأمة.
سنمضي في هذا الاستحقاق برقي لطالما عبر عن وطنٍ ذو همةٍ عاليةٍ بشعبه وقيادته، وبريادية إنسانه.