ونحن مقبلون على الاستحقاق الانتخابي، وبداية تشكل مشهد حزبي جديد في الأردن، فإننا نلحظ أن هناك حالةً من الحديث عن الأحزاب، وغياب ملحوظ للثقافة الحزبية.
وحتى لا نغرق بالشعارات على حساب الممارسات، فإن القائمين على الأحزاب اليوم، ورغم ضيق الوقت المتبقي حتى الانتخابات النيابية، مطالبون بالعمل على تكثيف العمل الحزبي المبرمج، وإعلاء قيم الممارسات الحزبية في عملهم الدعائي والإعلامي، وفي مخاطبة الجمهور، وعدم استرداد أساليب قديمة تتكئ في معظمها على نفس السلوكيات السابقة .. سواء مرشحين أو ناخبين.
فالمطلوب اليوم من المترشحين أن يكرسوا أكثر من أدائهم في الحديث عن برامجهم، وأن يكثفوا لقاءاتهم مع الناس بصفة حزبية، وككتل مترشحة، لا البقاء في ذات المساحة من تكرار ذات الممارسات السابقة القائمة على العشائرية أو المناطقية وغيرها.
ندرك أن التحدي كبير، وأن لدينا ثقافة متعمقة وكبيرة من هذه الممارسات.. بل ومن باب الإنصاف من الممكن أن يكون بعض الحزبيين الصادقين بتجربتهم محبطين بعض الشيء، ولكن التعويل كبير على الأحزاب لتغيير هذه الممارسات.
فنحن لا نرد أن نصل إلى مرحلة تصبح فيها الأحزاب عبئاً على الحياة البرلمانية، خاصة وأن القانون واضح وهو يسعى إلى تكريس الحزبية وثقافتها وممارساتها بتدرج.. ودوما أول تجربة مهمة.
حتى الآن، وبحكم بعض المشاهدات، فإن الممارسات ذاتها، ورغم تغير القوانين، وإنضاج بيئة تشريعية وترخيص أحزابٍ جديدةٍ، والحديث عن أحزاب تسعى إلى تشكيل كتل وازنة في مجلس النواب، أو حتى تشكيل حكومات برلمانية، إلا أن الأحزاب بالمعظم، يتعاطى مترشحون منهم مع الناخب بذات العقلية التي لربما لا تتلاءم حتى مع الصياغات القانونية.
إن الممارسات هي جزء من الثقافة الانتخابية، والمظاهر تؤشر إلى ما يجري، والمطلوب هو أن تنطلق الأحزاب لتقدم ذاتها وبرامجها، ومرشحيها، بصورة مختلفة، تقنع الناخب بالبرامج وتحاكي هموم الناس، فعلى هذا الأساس تم إرساء بنية تشريعية تنهض بالحياة البرلمانية.
ندرك أن المهلة الزمنية المتبقية ضئيلة.. ولكن الوقت متاح كي تصوب مسارات الدعاية للأحزاب، وأن ينتهج مرشحوها أساليب أخرى غير الدارجة في الذهاب إلى ناخبيهم، وعرض أفكارهم، وحتى شرح ضرورات المرحلة الحالية، والمآلات المأمولة ببناء حياة برلمانية أردنية قائمة على التنوع، والحيوية في اجتراح الحلول لهموم عامة كبيرة.
ننتظر والتجربة بالبدايات طرحاً مختلفاً من قبل أحزابنا، يتواءم والمرحلة والمأمول..