لقد كان للشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه، مكانة كبيرةً في نفوس العرب والفلسطينيين بخاصةً منهم، إثر مواقفه التي رفضت التنازل عن عروبتها.
ومن بين ما تعبر عنه هذه العلاقة التي ربطت الشريف الحسين بن علي، أن جثمانه ووري الثرى في أكناف بيت المقدس، وتذكر العديد من الصحف والوثائق آنذاك، كيف شيعه أهل فلسطين إلى رحاب المسجد الأقصى.
ومن بين الوثائق، كلمة الحاج أمين الحسيني في حفل تأبينه في القدس، عام 1931م، بخطبة عنونها بـ "ضحى بملكه وتاجه وعرشه في سبيل البلاد التي سعى لاستقلالها، ووحدتها، ورفض بإباءٍ وشهامة الموافقة على تقسيمها وإذلالها".
ومطلع ما قاله الحسيني، وهو المقدسي صاحب المكانة: "نحتفل بذكرى فقيد العرب العظيم، شيخ قريش، ملك الأمة العربية وقائدها، وزعيم نهضتها، صاحب الجلالة الشريف الهاشمي، الملك حسين بن علي.. التي عاش جاهداً لنهضتها، ودائباً لرفعتها، مضحياً في سبيل استقلالها، النفس والنفيس، والطارف والتليد، والعرش والتاج، وظل مخلصاً لها إلى النفس الأخير، فكان لهذه الأمة المثل الأعلى في الإقدام والشجاعة، والصبر والجلد، والدأب والعزم والتضحية.
ويستحضر الحسيني، رحمه الله، جانباً من مواقف الشريف حسين بن علي، حين تساقطت أطلقت القذائف على قصره مع بدايات النهضة العربية من قبل الجنود العثمانيين، وظل مرابطاً مرابطاً، حيث أخذت القذائف تتساقط من كل جانب، وتخترق الغرفة التي كان جالساً بها، وتتناثر شظاياها ذات اليمين وذات الشمال، وهو رابط ولم يتحرك في مجلسه، وقوله الشهير آنذاك: "قر يا قصر هذا ميدك ما هو ميدي.
كما يصف الحسيني في شهادته هذه مواقف الشريف حسين بن علي، حين قاد معارك الثورة العربية الكبرى، برغم ما أصابه من مرضٍ، مشيداً بخصال الصبر والجلد والدأب المستمر.
ويقول: "أما التضحية التي ضرب بها المثل الأعلى، إذ ضحى بملكه وتاجه وعرشه في سبيل البلاد التي سعى لاستقلالها ووحدتها، ورفض بإباءٍ وشهامة الموافقة على تقسيمها وإذلالها، وكان لأمته القدوة الطيبة في التضحية، ويقول إن "التضحية هي تلك الخلة الكريمة والدرس العملي الذي أملاه علينا ذلك العاهل الكبير، وأراد تعليمنا إياه.. التضحية في سبيل الاستقلال".
لقد كانت شهادة المقدسيين على الدوام تروي جانباً مما ربط الشريف حسين بن علي من علاقة بفلسطين والقدس بخاصة، وهي أدوار أرساها طيب الله ثراه، وبقيت حاضرةً على مدار عقود من حُكم ملوك بني هاشم، وحتى عهد الملك عبدالله الثاني، فرغم تبدل الأحوال وتغير الأيام، فإن مواقف البذل ما تزال، وستبقى بإذن الله موصولة.