رغم ما يجري في منطقتنا اليوم، وهمومها المتداعية، بدءا من الحرب على غزة، وليس انتهاء بأخرى كما يجري في السودان، إلا أن ما يجري في أميركا وانتخاباتها له أهمية.
السبب أن المشهد هناك، وانتخاباته، غير مسبوق، فنحن بين رئيس يميني وهو ترمب وآخر يمثل آخر نماذج رؤساء أميركا التقليديين وهو بايدن.
وما بينهما خطاب استقطاب حاد، ورئيس مدان بقضية جنائية، لا تحول دون ترشحه لرئاسة أميركا، وهذه حالة ستترك تداعياتها ليس على الداخل الأميركي وحسب، بل تتجاوزه للخارج، فاميركا بين تفاصيل العالم كله، وليس منطقتنا وحسب.
واللافت في هذه الانتخابات انها ستحدد وجه أميركا المقبل، فنحن نغادر مع بايدن، وعمره، سنغادر مربع الرؤساء التقليديين.. ومع ترمب سنكون مع تيار «ترامبي» وليس جمهوريا تقليديا، أيضا.
وأمام هذه التحولات في المشهد الأميركي، كيف نستعد في المنطقة؟ وسؤال آخر ملح أين جالياتنا العربية وأدواتها؟ في بلد اللوبيات؟.
خاصة وأننا حيال يمين يمتد بتحالفه إلى الإسرائيلي، معادلة يمين قوي هناك وهنا.. وفي دعوة نتنياهو لإلقاء كلمة أمام الكونغرس تعبير عما تجري فيه الأمور هناك.
وبين أولويات بايدن وخصمه ترمب، يحاول بايدن صياغة معادلة في ظاهرها اتزان وفي تفاصيلها مصالحه الانتخابية خاصة بعلاقة واشنطن بملف غزة، وعلاقات إدارته بدول المنطقة.
أما ترمب فقد فهو غارق بخطاب شعبوي، حيث انقلب على معظم حلفاء إدارته، وتصريحاته بمعظمها شخصية ناقدة.
بل إنه أخذ الخطاب الأميركي إلى زاوية انعزالية، بما يتحدث به عن شعارات مصالحية، لدولة تكاد تصوغ زمانها كامبراطورية، وهو أمر يشرح تخوفات الدولة العميقة هناك، خاصة أن ترمب من خارج طبقة الحكام والحزبيين السابقين، بل هو قادم من عالم التجارة وتسوياتها، على خلاف بايدن، وهذا أمر يشرح أيضا طبيعة الصراع بين تيارات أميركا.
حوالي خمسة أشهر وستكون نتيجة هذه الانتخابات أمامنا، وتبدأ مرحلة أمريكية جديدة، يبدو أننا أحوج ما نكون حيالها إلى تجهيز ملفات موحدة كدول في المنطقة تلتقي رؤاها ولها مبادئها، خاصة في ملف الحرب على غزة، وغيرها.
فبينما نبقي العين على أميركا نحتاج إلى تحديد أولويات عابرة للادارات الأميركية، وتشنجاتها وافرازاتها، على مبدأ علاقة المبدأ والمصالح، وأظن أننا في منطقتنا ننجح في هذا الأمر اذا ما كان ما نريده واضحا، وللحديث بقية..