تحتفل المملكة بمرور ثمانية وسبعون عاماً على الاستقلال ، الذي تحققت به العديد من الإنجازات والتقدم والازدهار ، إن حامل لواء الإنجازات لهذه النهضة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين يسير على الدرب واثقاً من خطواته ، حريصاً على كرامة المواطنين وعزتهم وعزة الوطن ورفعته ومدافعاً عن كرامة الأمة وقضاياها في جميع المحافل الدولية والإقليمية ، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وعروبة القدس الشريف .
إن استقلال الأردن ومرور ثمانية وسبعون ( 78 ) عاماً على تحقيقه يعني انبثاق الإرادة الوطنية الحرة للبلاد وقدرتها الفعلية على اتخاذ قرارتها دون مؤثرات خارجية وتحقيقاً للمصالح الوطنية العليا . إن نشوء الأردن في عام 1921 هو انبثاق من سياق النهضة بقيادة الهاشميين ، وإن استقلال الأردن عام 1946 نابع من مسار النهضة الهادفة الى التحرر والانطلاق نحو البناء والإنجاز .
هذه السنون مرت على الاستقلال والأردن يحقق باقتدار معادلة النجاح – والاستمرار – والاستقرار ، فالأمن والاستقرار السياسي هو ديدن الدولة الأردنية التي تقع في محيط ملتهب تتجاذب أطرافه وقلبه الصراعات والإرهاب والتفكك ، ويتحمل الأردن انطلاقاً من عروبته وإنسانيته نظامه وأخلاقية شعبه تبعات تلك الصراعات في كل من العراق ، سوريا ، وفلسطين وغيرها من البلاد العربية ، فالأمن والاستقرار يقوم على عدة عوامل توافرت في بيئة النظام وتاريخه ، وآليات عمله واعتداله في تعامله مع تلك الأزمات .
إنما الاستقرار هو عملية انتقال السلطة بطريقة شرعية ( قانونية ) وسلمية ، والاستقرار يرادف غياب العنف السياسي والنظام السياسي المستقر ، هو ذلك النظام الذي يسوده السلم وطاعة القانون ، وتُتخذ القرارات فيه بإجراءات مؤسسية والأردن عبر تاريخه السياسي ، عانى من حالات عدم استقرار لكن النظام حافظ على استمراريته واستقراره النسبي وبالذات في مرحلة الربيع العربي وما بعدها ، وعليه فإن عدة عوامل ساهمت في تعزيز الاستقرار السياسي في الدولة الأردنية وهي ، شخصية الملك ، وسلوكه السياسي ، دور المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية ، البنى الاجتماعية السائدة وحالة الانسجام الاجتماعي ، ومركزية النظام أثناء الأزمات ويضاف إلى ذلك عاملان مهمان هما : ارتفاع درجة التكيف السياسي وازدياد درجات الوعي السياسي لدى المواطن الأردني .
إن السلوك السياسي للقيادة الهاشمية ممثلة بالملك عبدالله الثاني التي تتمتع بشرعيات عدة منها الشرعية الدينية ، والشرعية القومية ( كقيادة للثورة العربية الكبرى ) وشرعية تاريخية للعائلة الهاشمية ودورها على مستوى المملكة والوطن العربي ، وشرعية الإنجاز وتحقيق الأهداف ، ومن المعروف أن الملك عبدالله الثاني يمتلك إرادة سياسية قوية من الإصلاح السياسي وتطوير بنية النظام السياسي القائم ، وعلى الرغم من المحيط الملتهب والأوضاع الاقتصادية السائدة إلا أن الملك يمضي قدماً في إجراءات الإصلاح والتحديث في مختلف الجوانب .
وها هي الوثيقة المتعلقة بتحديث المنظومة السياسية تأخذ طريقها إلى التنفيذ بإصدار قانوني الأحزاب والانتخاب وهما من أهم القوانين الناظمة للحياة السياسية ، واستطاعت العديد من الأحزاب وعددها ( 38) حزب من تكييف أوضاعها القانونية مع القانون الجديد رقم 7 لسنة 2022 ، وتهدف هذه لانطلاق العمل الحزبي والتأسيس للتحول نحو حكومات برلمانية ، إذ تم وضع نسبة 30 % من المقاعد البرلمانية ( مجلس النواب ) لصالح الأحزاب وهي خطوة أولى نحو التحول الديمقراطي لبناء حياة حزبية سليمة ، تكون فيها السلطة التشريعية منتخبة من الشعب مباشرةً والسلطة التنفيذية فيها تمثيل للقواعد الحزبية بشكل عادل .
إن الدولة الأردنية تمضي قدماً رغم كل الصعاب والتحديات من أجل تحديث سياسي ديمقراطي فيه مشاركة فاعلة لكل المكونات الاجتماعية لعملية صنع القرار واختيار الممثلين على كافة المستويات ، ومما يبعث على الاطمئنان أن النظام السياسي الأردني يملك قدرات فائقة في التكيف السياسي مع المستجدات ، وقادر على معالجة كل التحديات وذلك بحكمة ، وعقلانية ، واتزان القيادة ، كل التحية لقائد المسيرة ، والشعب الأردني العظيم ، حفظ الله الأردن الوطن الدولة بخير وكل عام وأنتم بألف خير واستقلال مجيد .