أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات جامعات برلمانيات أحزاب وظائف للأردنيين رياضة مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الدكتور محمد جودة يكتب، والمهندس رائد الصعوب والذكاء الاصطناعي يحللان!

مدار الساعة,مقالات,الذكاء الاصطناعي
مدار الساعة ـ
حجم الخط
مدار الساعة - كتب: د. محمد جودة
فنجان قهوة عالريحة
من ساعة ما وصلوا ضيوفي الطليان الى المطار واتجهنا الى منزلي في عمان وبعد ما مشينا بضعة كيلو مترات قالي دير بالك في مبين شرطي بنادي عليك و بأشرلك بصونية .. دير بالك راح ينط قدامك !
ابتسمت وقلتله لأ ما يهمك هادا مش شرطي و اولا الشرطة عنا ما بتناديك بصونية, بعد شوي بوريك سيارة الشرطة المحترمة كيف واقفة تسهر على امن الطريق وكل من يمر به. هادا اللي شفته هو المنادي على القهوة .. يعني تفضل عنا اشرب كاسة قهوة في المحل اللي على اليمين ..
وجدت الاستغراب على وجهه وهو اللي كان زارني في الأردن قبل 20 سنة .. قال انا لسة بتذكر فنجان القهوة عالريحه اللي رائحة الهيل تفوح منه و نشربه على بلكونتك او على القهوة في البلد .. الم يعد كذلك ؟! وابتدئ يميز كاسات القهوة الملقاة هنا وهناك وينتبه الى الشباب وما اكثرهم يعملون على جانب الطرقات مملوحين بايديهم بالصواني لتنبيه السائقين بأن هناك محل لبيع القهوة بالكاسات..
وتكاثرت الاسئلة حول الموضوع , اصبحت محلات واكشام القهوة في كل مكان واصبح الشباب يلوحون للسائقين صباحا مساء رغم الخطر بعدم رؤيتهم مساء او عكس الشمس و امكانية ان يلتخم السائق و يحصل مالاتحمد عقباه و ما لا نريده لشبابنا .. كيف اجيب على اسئلة الضيف المحرجة .. هل ادت البطالة لدى الشباب في وطننا الغالي حيث كانت المدارس تخرج متعلمين على مستوى السنين الاوائل في بلدان اخرى.. هل ادت هذه البطالة الى ان يعمل شبابنا امام محل قهوة بصينية ليوفر وسائل المعيشة له و لاسرته؟ اغرورقت عيناي بالدموع واردت ان اختفي من امام ضيفي .. فأي مهنة هذه ؟! لا احد يقولي مهنة شريفة احسن من بلاش ! لا ياسيدي اين بيت مال المسلمين ؟! اين مؤسسات الشباب المسيحي ؟!.. اين مؤسسات العمل التطوعي والخيري ؟! اين النقابات العمالية ؟! اين المصانع ؟! اين ابناء الوطن الميسورين ! اين كل هؤلاء لخلق فرص عمل بديلة ومحترمة للشباب ريثما ينهوا دراستهم المهنية او الجامعية للانخراط في العمل لبناء بلدهم فهم طاقة غنية و مخزونة نريد لها ان تنطلق لبناء البلد وليس لمناداة احد ليشرب فنجان سم الهاري القهوة بالكاسة !! لو كل معهد مهني او جامعه اخدت عشرة من هؤلاء الشباب تعلمهم وتدربهم على حسابها وكل مصنع في الأردن اخد شاب واحد يدربه و يعطيه مكان عمل ولو كل جمعية اخذت على عاتقها تعليم او تدريب شاب واحد من هؤلاء لما بقي احد في الشارع يلوح بالصينية على القهوة.
لسة ما خلصنا .. جاييكم بالحكي ..
ان العمل حق وكرامة للفرد ولكل شخص الحق في العمل,وله حق الحماية من البطالة من خلال مؤسسات الدولة واذا لزم من خلال وسائل اخرى للحماية الاجتماعية له و لأسرته من اجل عيشة لائقة بكرامة الانسان.
فلنعد لفنجان القهوة, المحبوبة السمرا.. فلها من الفنجان الصغير الكثير من الفوائد حسب بعض الدراسات نذكر منها تحسين المزاج. تقليل الشعور بالإكتئاب. تقليل خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان، تقليل خطر الإصابة بالسكتات الدماغية، والحماية من بعض أمراض القلب، وتقليل الخطر الناتج عن مرض ارتفاع ضغط الدم,تساعد على الهضم, انتعاش و تنبيه الرياضيين, إذا تم تناولها بشكل معتدل .
اما بالصورة الجديدة الغير معتادة في مجتمعنا لتناول القهوة المغلية بالطريقة العربية او التركية بالكوب المليء بالقهوة و بالكافايين والذي تم استقطابه كما اعتقد من لال المسلسلات الامريكية حيث يشاهد شرب القهوة بالاكواب الكبيرة جدا ولكن القهوة الامريكية هي في معظمها مخففة بالماء وكأنها ماء ملون بينما بطيقتنا فهي ثقيلة بالقهوة اي بالكافايين والذي ان تم تناوله بكثرة فقد يتسبب بزيادة الشعور بالقلق والتوتر، وزيادة العصبية لدى بعض الأفراد, الإصابة بالأرق ومشاكل في النوم. الإصابة بعسر الهضم وحرقة
المعدة, واهمها العصبية الزائدة والهيجان العصبي .. فهل هذا هو السبب الذي من اثاره ما نرى من السواقة المتهورة و العصبية الزائدة عند الكثير من السائقين و حيث نشاهد الكثير منهم و السيجارة بيد و كاسة القهوة باليد الثانية و يسوق بسرعة و و الله يستر و يحمي الجميع.
زمان كنا نعرف انة هي العربية (ارابيكا) وتأتي من اليمن او من البرازيل حيث تم زراعتها ايضا وكانت ولا تزال ذات طعم و رائحة لا تقارن و كانت ترتشف رشفا بطيئا من الفنجان الصغير الساخن. اما الان فتجد عشرات المصادر لحبوب القهوة و لم تعد تعرف ما هو قليل او كثير الكافايين او ان كانت القهوة ثقيلة ام خفيفة كما يقال. لم يعد هناك استمتاع بفنجان القهوة وسيجارة لمن يدخن او حبة شوكولاتة سيلفانا لمن لا يدخن.
الم يحن الوقت لنراجع انفسنا قبل ان نصبح جميعنا عصبيين اكثر من اللزوم ونصطدم بالحائط ؟!
الم يحن الوقت لكي نلتفت الى شبابنا الضائع والذي يفني طاقته وحياته للحصول على لقمة عيش فقيرة من خلال صينية تافهة لا تغني من جوع ؟
فلنراجع انفسنا و ضمائرنا و نلتفت لشبابنا سندنا في شيخوختنا ونهضة امتنا .. فلتبق القهاوي اين ما وجدت ولكن لتكن مع كراسي صغيرة و قعدات تجمع الاصدقاء في وقت الاستراحة لاستعادة الطاقة والابتسامة ممن يحبونا من حولنا و لنشرب القهوة الارابيكا ولكن بفناجين على الريحة.
التحليل ....!!
عنوان المقالة: فنجان قهوة على الريحة: بين الأصالة والعولمة، وبين الشباب وفقدان الفرص
في مقالته المؤثرة، يعيد الدكتور محمد جودة طرح قضية تتجاوز مجرد فنجان قهوة لتكشف تحديات اجتماعية واقتصادية أعمق. الضيوف الطليان يتذكرون بألم ما عرفوه سابقًا عن القهوة العربية بنكهة الهيل، في سياق يلامس كل زائر مرّ بتجربة الضيافة الأردنية العريقة. قارن الدكتور بين صورة الشباب الذين كانوا يرتشفون القهوة في مقاهي عمان، وبينهم الآن وهم يقفون على جانب الطرقات يلوحون بصواني القهوة، في تحول جذري لواقعهم الاقتصادي.
يشير الدكتور إلى أن البطالة دفعت الشباب إلى العمل في مهن خطرة وغير مستدامة، تتطلب الوقوف تحت أشعة الشمس الحارقة أو أمام عجلة السائقين المسرعين. فتضاعف أعداد أكشاك القهوة العشوائية وظهور تقاليد جديدة لشرب القهوة بنمط مختلف تمامًا عمّا عرفته الثقافة المحلية يعكس عمق تأثير العولمة واختراقها لأبسط عاداتنا.
كما تطرق المقال إلى آثار الاستهلاك المفرط للقهوة على الحالة النفسية والجسدية، وربطها بزيادة حالات القلق والتوتر، وانعكاسها على سلوكيات القيادة، حيث تجمع القهوة والسجائر بين أيدي السائقين المتهورين.
يرى الدكتور جودة أن الحل يكمن في التوجيه المدروس للشباب، وتحقيق الاستدامة عبر برامج التدريب والتوظيف التي يمكن أن تقدمها المؤسسات المختلفة، لضمان بناء جيل قادر على النهوض بالاقتصاد بكرامة وثقة.
من خلال التحليل، نجد أن فنجان القهوة يتحول إلى رمز لتحديات التحولات الاجتماعية التي تواجه الشباب في الأردن. بينما كانت القهوة في الماضي تعني الهدوء والتآلف، أصبحت اليوم رمزًا للبحث عن لقمة عيش في وسط ضجيج الحياة، بما يؤكد الحاجة لإعادة النظر في بناء المجتمع ورعاية شبابه. لنستمتع بفنجان "على الريحة"، ولكن بنظرة جديدة تعيد للشباب دورهم الحيوي في بناء مستقبل أوطانهم.
مدار الساعة ـ