يشعل التعنت الإسرائيلي في الاستمرار بالحرب على غزة وعدم وقف إطلاق النار، حالة من عدم الاستقرار السياسي على مستوى المنطقة والعالم بأسره، فالمنطقة العربية اجمالاً تشهد حالة من التوتر الدائم، مضيق باب المندب مُعطلاً لمرور السفن التجارية خصوصاً الإسرائيلية والأميركية، ويُطالب الحوثي بوقف الإمعان بالقتل للشعب الفلسطيني، وحزب الله مشتبك عملياً في حرب ضروس اسناداً للمقاومة في غزّة، وميليشيات الحشد الشعبي في العراق مُتحفزة وتمارس بعض العمليات عبر المُسيّرات، أمّا العالم فهناك انتفاضة في عواصم العالم الكبرى، باريس لندن، واشنطن، سدني، برلين وغيرها وهناك تحرك في الجامعات الكبرى في الولايات المتحدة هناك ما يزيد عن 58 جامعة أعلن المتظاهرون فيها وقف الإبادة الجماعية والمجازر في غزة، الكل يطالب بوقف إطلاق النار لكن اليمين المتطرف في إسرائيل يرفض ذلك ويسعى لإبادة الشعب الفلسطيني في القطاع، تم تدمير 79 ألف وحدة سكنية تماماً وما يزيد عن 300 ألف وحدة سكنية جزئياً، و35 ألف شهيد 77 ألف جريح غير المفقودين، والمعتقلين الذين لا يعرف لهم عدد، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة ماذا تريد إسرائيل بعد؟ إنهم يريدون تصفية القضية الفلسطينية تماماً، من النهر الى البحر دولة يهودية نقية لا مجال لعيش أحد فيها إلاّ من ينصاع للرؤية والقوانين اليهودية، القضاء على الأونروا لتصفية وإنهاء قضية اللجوء الفلسطيني عبر 75 عاماً وبالتالي إلغاء حق العودة حسب القرار 196وبقية القرارات الدولية ذات الصلة، والأمر الآخر قبول إسرائيل كجزء من المنطقة أي عمليات تطبيع شاملة وكاملة مع جميع الدول العربية وخصوصاً المملكة العربية السعودية، ناهيك عن الهيمنة الاقتصادية والتكنولوجية حيث أن الناتج القومي لدويلة إسرائيل يصل إلى 400 مليار دولار سنوياً، ومتطورة صناعياً وبالتالي تهدف إلى السيطرة على المنطقة اقتصادياً، والمسعى الأهم هو تفتيت المنطقة على أسس طائفية وعِرقية لتكون مقبولة كدولة دينية يهودية في المنطقة ومنع أي شكل من أشكال الوحدة، أو الإلتقاء بين المجموعة العربية المُتنافرة أصلاً، وربما تكون بداية للتوسع والهيمنة على أراض أخرى لإعلان الدولة اليهودية الدينية من النيل إلى الفرات، إنهم كما يقولون حرب وجود ولا تراجع حتى إنهاء العدو. أقول إنها مرحلة من مراحل تطور الدولة العبرية، تمت إعادة غزة إلى عشرين سنة للوراء ومن يتحدى هذا الوجود سيصبح مصيره مصير غزة، الدمار الشامل ويتوعدوا لبنان بذلك، إن الهدف الأساسي هو إنهاء أي شكل من أشكال المقاومة لهذا الكيان الذي بُني بالدم والنار، واليوم استطاع الكونغرس الأميركي من توسيع الإطار القانوني لمُعاداة السامية، والكراهية ضد اليهود، ووسمت المظاهرات الطلابية المُنادية بوقف إطلاق النار في غزة بأنها كراهية ضد اليهود ومُعاداة للسامية، وتم انفاذ حكم القانون بكل متظاهر ضد الممارسات الإسرائيلية، لا مكان لإنسان في الولايات المتحدة أن يعادي السامية أو كراهية اليهود، وكما يقول بايدن: «إنه لا مكان في أي حرم جامعي لخطاب الكراهية ومُعاداة السامية»، ويتحدثون عن الحرية وحرية التجمع، والتعبير واحترام حق التظاهر؟!. إن لعنة غزة ستُلاحق اليمين المُتطرف وخصوصاً القيادات منه، وهذه اللعنة ستُطارد بايدن في الانتخابات الرئاسية القادمة في نوفمبر من هذا العام، سنرى تحولات جذرية في الرأي العام الدولي والأميركي خصوصاً لدى الشباب والجيل الجديد ذو النزعة الليبرالية، الذي سيُغير مجريات الأمور تجاه العديد من القضايا على الرغم من قوة اللوبي الصهيوني الذي يمسك مفاصل اللعبة السياسية في الولايات المتحدة.
هذا وبعد موافقة حماس على قرار وقف إطلاق النار والدخول في هدنة على ثلاث مراحل تؤدي في النهاية لوقف إطلاق النار وإعادة المختطفين يبرز الموقف الإسرائيلي المتعنت بعدم الموافقة على المقترح الذي قدمه الوسطاء، إن المسعى الإسرائيلي هو اقتحام مدينة رفح المُزدحمة بالسكان والتركيز على السيطرة على كامل القطاع والقضاء على أي شكل من أشكال المقاومة، ناهيك عن البُعد السياسي في محافظة رئيس الوزراء على مقعده وتحالفه اليميني المتطرف في الحكم فهي لعبة حزبية في الصراع على الحكم، وعليه فان هدفهم ليس السلام، ومفهوم اقامة الدولة الفلسطينية غير متوفر في عقلهم بالمطلق ولا نية لهم في ذلك، إننا أمام رئيس وزراء مُراوغ ومُماطل، وصاحب شخصية غامضة، وكاذبة ولا يُؤمن بالسلام، وصاحب وجهين مختلفين متناقضين وعلينا أن نفهم طبيعة العقلية التي نتعامل معها وعدم الركون إلى وهم السلام الذي لا يرغبون به.