مدار الساعة - محمد ابو كف - مع اقتراب الحرب في غزة من شهرها السابع، يستمر معدل الفقر في دولة فلسطين في التصاعد، ليصل إلى 58.4%، مما يدفع بحوالي 1.74 مليون شخص إضافي إلى براثن الفقر منذ بداية الحرب، في حين يواصل الناتج المحلي الإجمالي انخفاضًا هائلاً بنسبة 26.9%، والذي يمثل خسارة قدرها 7.1 مليار دولار أمريكي من القيمة المقدرة في حال لم تنشب حرب - وذلك وفقًا لتقديرات جديدة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا).
أصدر البرنامج الإنمائي والإسكوا اليوم تحديثًا للتقييم الأولي السريع الذي والذي أصدراه معاً في تشرين الثاني/نوفمبر 2023 بعنوان "حرب غزة: الآثار الاجتماعية إذ والاقتصادية المتوقعة على دولة فلسطين"، و الذي شمل تقديرات لآثار الحرب على غزة وكامل دولة فلسطين خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحرب. ويشمل التقييم الجديد تقديرات محدثة لآثار الحرب بعد ستة أشهر، مع توقعات لسيناريوهات استمرار الحرب لسبعة وثمانية وتسعة أشهر.
وشدد مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر على أن "كل يوم إضافي تستمر فيه هذه الحرب يفرض تكاليف باهظة ومتفاقمة على سكان غزة وجميع الفلسطينيين، اليوم وعلى المديين المتوسط والطويل. فمقارنة بتقييمنا الأولي، تحذر هذه الأرقام الجديدة من أن المعاناة في غزة لن تنتهي عندما تنتهي الحرب". وأضاف "إن المستويات غير المسبوقة من الخسائر البشرية، وتدمير رأس المال، والارتفاع الحاد في معدلات الفقر في مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن سينجم عنها أزمة تنموية خطيرة تعرض مستقبل الأجيال القادمة للخطر."
ووفقاً لتقديرات التقييم الجديد، لسيناريو تستمر فيه الحرب لمدة تسعة أشهر، من المقدر أن يتجاوز معدل الفقر ضعف قيمته، إذ يرتفع إلى 60.7 في المائة، وهو ما يرفع عدد الأشخاص الإضافيين الذين سيقعوا في براثن الفقر إلى أكثر من 1.86مليون شخص منذ انطلاق الحرب، في حين سيصل انخفاض الناتج المحلي الإجمالي إلى 29% بخسائر إجمالية تبلغ 7.6 مليار دولار أمريكي. ويحذر التقييم أيضًا من انخفاض حاد في دليل التنمية البشرية، وهو المقياس الموجز للرفاه الذي يصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حيث خسرت دولة فلسطين أكثر من عقدين من التنمية البشرية لتصل قيمة دليل التنمية البشرية لأقل من القيمة المسجلة في عام 2004،عندما تم حساب دليل التنمية البشرية لدولة فلسطين لأول مرة.
وأكدت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي على أنه "خلافاً للحروب السابقة، فإن الدمار الذي نشهده في غزة اليوم غير مسبوق من حيث النطاق والحجم، ولأنه يشمل خسائر في الأصول السكنية وسبل العيش والموارد الطبيعية والبنية التحتية فضلاً عن القدرات المؤسسية اللازمة لتقديم كافة الخدمات الأساسية، فقد يكون له آثار عميقة ومنهجية تستمر على مدى العقود القادمة". وأضافت "يشير هذا التقييم الجديد إلى أن غزة ستصبح معتمدة بشكل كامل على المساعدات الخارجية على نطاق لم نشهده منذ عام 1948، إذ ستتركها الحرب دون الحد الأدنى من أي نشاط اقتصادي فعّال، أو أية وسائل للإنتاج أو للاكتفاء الذاتي، أو للتوظيف، أو القدرات التجارية".
يستكمل التقييم المحدث لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا نتائج التقييم المؤقت المشترك للأضرار الذي أصدره البنك الدولي والأمم المتحدة مؤخرًا، والذي أشار إلى أن الأضرار المباشرة التي لحقت بالبنية التحتية المبنية في غزة حتى يناير/كانون الثاني 2024، تبلغ حوالي 18.5 مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل 97 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لدولة فلسطين في عام 2022.
وتم استعراض نتائج التقييم المحدث في اجتماع ضم عدد من مديري وكالات الأمم المتحدة الرئيسية في منطقة الدول العربية والذي انعقد لمناقشة كيف يمكن لمختلف الجهات الفاعلة الإقليمية أن تدعم بشكل أفضل جهود فريق الأمم المتحدة القطري في الأرض الفلسطينية المحتلة لتقييم فرص التعافي المبكر والتخطيط للشروع في تنفيذ أنشطته. وباعتباره الوكالة الرائدة في مجال التعافي المبكر يتعاون برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بشكل وثيق مع وكالات الأمم المتحدة والشركاء الوطنيين للتخطيط والإعداد لبدء التعافي المبكر في غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية دون تأخير، حالما سمحت الظروف.