انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب أسرار ومجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

العتوم يكتب: مواقف الأردن سيادية


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: مواقف الأردن سيادية

مدار الساعة ـ نشر في 2024/04/17 الساعة 08:36
يتمتع الأردن – المملكة الأردنية الهاشمية بموقع جيوسياسي فريد من نوعه وفي صدارة دول العرب ، و يمتلك اطلالة هامة على فلسطين و إسرائيل ، و بالقرب من دول التماس مثل مصر و سوريا و لبنان ، وعمقه عربي واسع ، و حضارته إسلامية مرتبطة بالمسيحية . و تاريخه ضارب في عمق التاريخ القديم و المعاصر ، فلقد تواجد في العصر الحجري منذ مليون و نصف المليون سنة ، وهو نتاج لثورة العرب الهاشمية الكبرى التي قاد فرسانها ملك العرب و شريفهم الحسين بن علي طيب الله ثراه . و بني على أكتاف ملوك هاشميين في أزمان التأسيس ( عبد الله الأول ) ، و الدستور ( طلال ) ، و البناء الطويل ( الحسين العظيم ) ، و تعزيز البناء ( عبد الله الثاني ) حفظه الله وولي عهده المحبوب ( الحسين بن عبد الله ) ، وعبد الله الثالث قادم بمشيئة الله وحفظه .
وبرز في تاريخ الأردن رجالات وطنية قل نظيرهم مثل هزاع المجالي ، ووصفي التل ، و مشهور حديثة الجازي . و أخرون مثل مضر بدران و أحمد عبيدات ، و طاهر المصري ، و عون الخصاونة و غيرهم كثر . ولم يستعجل الأردن عقد سلام مع إسرائيل عام 1994 و انتظر مصر الشقيقة عام 1979 ، و تأمل في اتفاقية أوسلو عام 1993 و درسها بعناية . و شكل السلام الأردني – الإسرائيلي بالنسبة لنا هنا في الأردن منصة لضمان أمن حدودنا الغربية ،و المائية المتصلة أيضا بالأراضي السورية ،و للحفاظ على الوصاية الهاشمية على المقدسات في فلسطين المحتلة . و تمكن الأردن و بإصرار خاص من جلالة الملك عبد الله الثاني من تحرير إقليمي " الباقورة في محافظة إربد ،و الغمر في محافظة العقبة " عام 2019 من فكي معاهدة السلام ذاتها التي تناهضها قوى المعارضة في بلدنا رغم خدمتها لنا و للأشقاء الفلسطينيين في الظروف الصعبة .
و الأردن – القلعة كما إسمها في عمق التاريخ المعاصر ،و نهره الخالد ، الذي تغنى به شاعر الأمة حيدر محمود و بالعاصمة عمان الشامخة فوق رؤوس الهضاب السبع ، منارة عربية ، جيشه عربي باسل ، و أجهزته الأمنية كافة موقرة و ساهرة مدار الساعة على أمن الوطن و المواطن . وهو عضو في الأمم المتحدة منذعام 1955 ، و عضو في مجلس الأمن في الأعوام ( 1965 و 1966 ، و 1982 ، و 1983 ، و 2014 ، و 2015 ) . و سيادته على أرضه كاملة ، و قراره الوطني كذلك . ولا تستطيع جهة داخلية و لا خارجية تغيير بوصلته ،و مصلحة الأردن الوطن الغالي فوق كل اعتبار . وهو خط أحمر ، و حسب الدستور في مادته رقم 30 ( الملك هو رأس الدولة وهو مصون من كل تبعية و مسؤولية ) ، و في مادته 33 ( الملك هو الذي يعلن الحرب و يعقد السلام و يبرم المعاهدات و الاتفاقات ) . و بناء عليه الملك خط أحمر ومحصن دستوريا .
و للأردن مع القضية الفلسطينية العادلة منذ تحرك قضيتها عام 1948 تاريخ معاصر طويل وقصة كفاح مخر عباب حروب شرسة مع إسرائيل في اللطرون و باب الواد و القدس عام 1948 شارك فيها ببسالة جيشنا العربي ، و سجل غياب الوحدة العربية النكبة الأولى ،و اغتيال الملك الشهيد عبد الله الأول رحمه الله . وشكلت حرب ( السموع ) عام 1966 بعد التحرش الإسرائيلي بداية بالعمل الفدائي الفلسطيني و الأصطدام مع الجيش العربي الأردني بوابة لتكرار الحدث- الحرب عام 1967 رغم أنه قرارها كان قوميا ، فتحولت لنكسة جديدة افقدت العرب فلسطين و الجولان ومزارع شبعا ، وأبقت غزة تترنح ، بسبب غياب مستوى التجهيز العربي لها ، وهنا لا اتحدث عن سيناء التي عادت لعرين مصر العربية بقوة السلام ، و شعار " ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة " و الذي هو ناصري قومي لم يترجم جاهزية القوة و الاستخبار و الوحدة الواسعة العربية الحقيقية في ارض المعركة .
واستمر الأردن يواجه الصدامات العسكرية من طرف إسرائيل ، و السبب يتكرر و هو واحد الأشتباك مع قضية فلسطين . و حقق الأردن بجهد قواته المسلحة الباسلة و قائدها الميداني مشهور الجازي و في ظل قيادة مليكنا الراحل العظيم الحسين عام 1968 نصرا فريدا بإسم العرب اشترك في خندقه أهلنا في فلسطين و مقاومتهم في معركة الكرامة .وسجلت حقبة بداية سبعينات القرن الماضي إسم وصفي التل عاشق الأردن و فلسطين شهيدا على مستوى الوطن .
و يمضي الأردن على طريق المجد قدما الى الأمام ، فشارك في حرب تشرين القومية المنتصرة عام 1973 التي حررت مساحات واسعة من مدينة( القنيطرة) الجولانية ، ووقف صامدا في خندق العراق و القومية العربية عام 1980 / 1988 . وواصل بناء علاقات دولية متوازنة مع شرق و غرب العالم أخذا بعين الاعتبار مصلحة الأردن العليا .
و في حرب غزة بعد السابع من أكتوبر 2023 التي اندلعت بقرار من حماس – حركة التحرر العربية – الفلسطينية – الإسلامية ( الأيدولوجيا ) ، و بعد التفاف المقاومة الفلسطينية و العربية حولها تعبيرا عن مسيرة الاضطهاد التي واجهتها القضية الفلسطينية على مدى 75 عاما ، و بعد التطاول الإسرائيلي على الأقصى المبارك ، و على كرامة أهلنا في فلسطين ، و الشروع في تنفيذ حرب ابادة ضدهم برقم تجاوز 33 الفا ، و محاولة تشريد الأحياء منهم ، و قف الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني بشجاعة الى جانب القضية الفلسطينية و أهلها مجددا ،وجاب منصات المحافل الدولية بشكل ملاحظ قل نظيره من أجل وقف العدوان الإسرائيلي الغاشم ، وواصل تقديم المساعدات الإنسانية و الطبية دون كلل و ملل للأهل في فلسطين ، و شارك جلالته شخصيا بتقديمها من فوق طائرات سلاح الجو الملكي الأردني ، و هي ميزة أردنية – عربية يصعب تكرارها .
وبعد اختراق إسرائيل للسيادتين السورية و الإيرانية بقصف القنصلية الإيرانية يوم الأثنين من نيسان 2024 ، و التسبب في مقتل مجموعة من الخبراء الإيرانيين ، و لجوء ايران لخيار الرد العسكري ، واجه الأردن مسألة اختراق ايران فضائه الجوي بنفسه دفاعا عن سيادته ، و شجب تهديد ايران له بعد التشكيك بموقفه من التراشق بالنيران بين ايران و إسرائيل ، وتوج خطابه بتصريح لجلالة الملك من واشنطن بعد لقاء رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن ، و عن طريق استدعاء سفير طهران بعمان لتبليغه عبر الخارجية الأردنية احتجاج الأردن ، و لتوضيح موقفه على الحياد في التعامل مع اختراق الأجواء لو تكرر من جانب إسرائيل أيضا .
وفي الحرب الروسية – الأوكرانية الممتدة منذ عام 2022 ، و قف الأردن على الحياد ، و دعا للحوار بين الدولتين الصديقتين للأردن روسيا الاتحادية و أوكرانيا بهدف الوصول الى سلام بينهما متجازوا سقف الحرب الباردة و سباق التسلح بين احادية القطب و تعددية الأقطاب . وفي الختام هنا ضروري لفت الأنتباه الى عدم زج الأردن في القضايا الإقليمية في زمن محتاج فيه لمواصلة البناء ،و الأستقرار ، و التنمية الشاملة . و الأردن لن يخوض حربا بقرار خارجي ، وهو صاحب القرار في الحرب و في السلام .

مدار الساعة ـ نشر في 2024/04/17 الساعة 08:36