مدار الساعة - تشهد العلاقات الاقتصادية بين الأردن والعراق تطوراً ملحوظاً، إذ زاد حجم التجارة بينهما خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير، مدعوما بحرص قيادة البلدين على تطوير علاقات البلدين وبناء شراكات تجارية واستثمارية عميقة .
وبحسب معطيات إحصائية رسمية رصدتها وكالة الأنباء الأردنية (بـترا)، ارتفع حجم التبادل التجاري بين الأردن والعراق العام الماضي إلى 832 مليون دينار، مقارنة بـ772 مليونا عام 2022، وحقق الميزان التجاري للمملكة مع العراق العام الماضي، فائضا مقداره 442 مليون دينار، إذ بلغت قيمة صادرات المملكة إلى العراق 637 مليونا، ومستورداتها 195 مليونا.
وتتنوع الفرص الاقتصادية بين الأردن والعراق في مجالات عدة، بما في ذلك التجارة، والاستثمار، والطاقة، والصناعة، والسياحة، ويؤكد خبراء أن استمرار هذه العلاقات في التطور مستقبلا، سيسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية في البلدين وتوفير فرص عمل جديدة.
وكان جلالة الملك عبد الله الثاني، أكد خلال مباحثات جلالته مع الرئيس العراقي الدكتور عبداللطيف رشيد، في قصر بسمان الزاهر أمس الاثنين، أهمية تكثيف الجهود لتنفيذ الاتفاقيات والمشاريع المشتركة بين الأردن والعراق، مثمنا جلالته تشغيل المرحلة الأولى من مشروع الربط الكهربائي بين البلدين.
وأكد رئيس مجلس الأعمال العراقي في عمان، الدكتور ماجد الساعدي لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، عمق العلاقات الاقتصادية العراقية الأردنية، رغم الظروف والتحديات التي مرت بها خلال السنوات الماضية، وأن الأردن والعراق طرحا منذ سنوات مصطلح "التكامل الاقتصادي" بينهما ما يشير إلى قوة شراكتها.
وأشار إلى أن السوق العراقية شهدت بعد عام 2003 تغيرات ديناميكية إذ فتح أبوابه أمام الجميع، ودخلتها منتجات كثيرة من دول عديدة، ليصبح المنتج الأردني وقتها منافسا قويا لهذه المنتجات من حيث السعر والجودة.
وأوضح أن قدرة العراق وسوقه الاستهلاكي الكبير، والقرب الجغرافي بين الأردن والعراق، ومتانة السوق المالي وخبرة القطاع المصرفي الأردني، أسهمت في أن يكون هنالك العديد من الشراكات بين البلدين. وأشار الساعدي إلى أن الكثير من رجال الأعمال، يعملون في القطاع المصرفي والنفطي وتكنولوجيا المعلومات والخدمات وفي قطاع السياحة المطاعم والفنادق، ومؤكدا أن ذلك ناتج من علاقات قديمة ومعرفة باحتياجات السوق والمستهلك العراقي. ولفت إلى مساهمة مجلس الأعمال العراقي، في تطوير تلك الشراكة على مدار العقود الماضية من خلال التوسع في دخول المستثمرين العراقيين إلى الأردن وبالعكس، مؤكدا أن المستثمرين العراقيين يجدون موقع الأردن الجغرافي آمناً للعمل ويستطيعون بناء منشآتهم حتى تبادل التجاري والتكنولوجي من خلال الأردن كسوق مجاور للسوق العراقي أكثر سهولة. وبين الساعدي، أن طيب العلاقات بين البلدين يسهم في تخفيف العقبات التي تواجه المستثمرين مشيرا إلى أن الاستثمارات العراقية في الأردن تتركز في قطاعات عدة أولها؛ الصناعة ففي التسعينيات أنشئت صناعات كبيرة ومهمة وما زالت قائمة الى الآن معتمدة في الأساس على السوق العراقية.
وقال إنه بعد 2003 تنوعت الاستثمارات في القطاع المصرفي والسياحة والفنادق والعقارات، لا سيما أن الجالية العراقية في الأردن تكون سنويا أكثر مشترين للعقارات في الأردن الذي قدم لهم تسهيلات كبيرة بالنسبة للاقامة والعقار لغايات الإقامة.
وبين الدكتور الساعدي، أن تملك العقار والإقامة للعراقيين في الأردن ساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية من خلال الاستفادة من المدارس والتسوق والمستشفيات ما حفز العجلة الاقتصادية، داعيا إلى مزيد من هذا التوجه، بالاضافة إلى تقديم المزيد من التسهيلات للمقيمين.
وقال ممثل قطاع الصناعات العلاجية واللوازم الطبية في غرفة صناعة الأردن الدكتور فادي الأطرش، إن العراق يعتبر عمقا اقتصاديا مهما للأردن، ونسعى إلى بناء علاقات تكاملية معه لا تنافسية تحقق المصالح المشتركة، مؤكدا أن زيارة رئيس جمهورية العراق الدكتور عبد اللطيف رشيد للمملكة تصب في بهذا الاتجاه.
وأشار إلى وجود العديد من الاتفاقيات الموقعة بين البلدين من شأنها ان تدعم إقامة صناعة تكاملية بينهما وبما يحقق المنفعة المشتركة.
وأكد وجود فرص متعددة أمام الصناعة الأردنية في العديد من القطاعات لتعزيز حضورها داخل السوق العراقية كما أن هناك فرصا واسعة أمام المنتجات العراقية لدخول السوق الأردني في ظل متانة العلاقات بين البلدين على مختلف المستويات بالإضافة الى القرب الجغرافي.
وبين الدكتور الأطرش، أن السوق العراقية تعتبر سوقا مستقرة وواعدة أمام الصناعة الأردنية، مؤكدا أن الأدوية الأردنية تتمتع بسمعة عالية جدا وتنافسية كبيرة في السوق العراقية وأثبتت فعاليتها وآمانها وحازت على ثقة القطاع الطبي والمواطن العراقي. وأشار إلى أن العراق من اوائل دول المنطقة التي فتحت أسواقها للدواء الأردني وتشارك معظم الشركات الأردنية الدوائية بالعطاءات الحكومية في العراق بالإضافة الى حضورها بالقطاع الخاص من خلال مكاتب ومختبرات علمية.
ولفت إلى أن القطاع الخاص يسعى باستمرار إلى إيجاد المزيد من الشراكات الثنائية سواء كانت بمجالات الصناعة والاستثمار بهدف الارتقاء وزيادة التبادلات التجارية، بين البلدين، وترجمة التعاون الاستراتيجي على أرض الواقع.
وأكد الدكتور الأطرش أن جلالة الملك عبدالله الثاني يوجه دائما بوضع جميع الإمكانات الأردنية في خدمة الأشقاء في العراق وتوفير كل الدعم لأصحاب الأعمال والمستثمرين والتشبيك بين مؤسسات القطاع الخاص، والإسراع في تنفيذ ما تم التوافق عليه من "مشاريع استراتيجية تخدم بلدينا وشعبينا".
بدوره، قال عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الأردن المهندس إيهاب القادري، إن الأردن والعراق يتمتعان بعلاقات تاريخية مترابطة خاصة العلاقات الاقتصادية والتجارية المشتركة التي ما زالت تشكل جزءا كبيرا من اهتمام الطرفين.
وأضاف رغم الأحداث التي أثرت على التبادلات التجارية إلا أن العراق ما زال يشكل عمقاً وسوقاً إستراتيجياً للمنتجات الأردني، وأن حجم التبادل التجاري بين البلدين شهد نموا محلوظا خلال العام الماضي نتيجة للجهود المبذولة خلال الفترة الماضية، بداية من التعاون والتنسيق بين البلدين والمشاركة والوصول الى اتفاقيات ثنائية، بالإضافة إلى بلورة بعض الاتفاقيات الثنائية على أرض الواقع الهادفة إلى إزالة التحديات التي تقف عائقاً أمام انسياب حركة المنتجات الوطنية إلى السوق العراقية.
وأوضح أن الصادرات الوطنية إلى السوق العراقية تتنوع لتصل لأكثر من 300 منتج وطني، حيث تشكل المنتجات من الصناعات الكيماوية ومستحضرات التجميل ومنتجات الصناعات الهندسية ما يقارب نصف هذه الصادرات، وتتوزع بقية الصادرات على منتجات الصناعات العلاجية والغذائية .
وأشار إلى أن من أبرز المنتجات الوطنية المصدرة إلى السوق العراقية: منتجات الصابون والمنظفات والأسمدة، والأسلاك والموصلات الكهربائية، والأدوية والمضادات الحيوية.
وبين أن هناك عدداً من المشاريع المشتركة التي تعمل على تعزيزها البلدين الشقيقين إضافة إلى التواصل واللقاءات بين المسؤولين في البلدين لتعزيز العلاقات ومجالات التعاون والمضي قدماً في تنفيذ المشاريع الحيوية الكبرى كمشروع المدينة الصناعية المشتركة لتحقيق التكامل الصناعي بين البلدين، القائم على أساس التكامل والمنفعة المتبادلة، ومشروع الربط الكهربائي الذي من شأنه أن يعزز موقع الأردن الاستراتيجي، والتعاون الثلاثي الأردني العراقي المصري، الذي من شأنه أن يخدم أيضاً مسيرة التعاون العربي ضمن إطار أوسع.
ونوه القادري بالزيارة الأخيرة للرئيس العراقي إلى عمان التي جاءت تفعيلا لاتفاقية الإطار الاستراتيجي خصوصاً فيما يتعلق منها بالطاقة والتنمية والتبادل العلمي والاستثمارات فضلاً عن التعاون الأمني، بما يعزز الثقة والعلاقة بين البلدين الشقيقين على أسس واضحة تعتمد السيادة والمصالح المشتركة.
ولفت إلى أن هذه الزيارة تؤكد عمق العلاقات بين الأردن والعراق وجديّة تبني تنفيذ العديد من الاتفاقيات المشتركة وبلورتها والانتقال من حيِّز التَّخطيط إلى حيِّز التَّنفيذ وبما يعزز مصلحة البلدين الشقيقين، والمساهمة في رفع مستويات التعاون الاقتصادي والتجاري، خاصة بعد العديد من الاتفاقيات التي وقعت خلال الفترة الماضية وتكثيف القطاع الخاص لزياراته لفتح الآفاق مع العراق الشقيق سواء بتنظيم أكبر معرض للصناعات الأردنية في بغداد، أو بتنظيم أكبر وفد من رجال الأعمال الأردنيين للعراق وعقد ملتقى اقتصادي أردني عراقي مشترك.