التقرير السنوي الصادر عن مديرية الأمن العام قبل يومين الذي كشف بتسجيل قضية مخدرات كل 37 دقيقة و41 ثانية في المملكة خلال 2017 ، خطير للغاية، ويدلل على حجم تغلغل السم الاسود في مجتمعنا، الذي بات يقض مضاجع الأسرة الأردنية، خشية انسياق ابنائها خلف هذا الوباء المميت ..
ما يقرب من 14 ألف قضية مخدرات سُجّلت في العام الماضي ، من اتجار لحيازة لتعاط، أزيد من نصفها في العاصمة عمان وحدها .. أي أن 14 ألف بيت وعائلة أردنية، قد ابتليت بارتكاب أحد افرادها جريمة مصنّفة ضمن قضايا المخدرات، وهو رقم يجب التوقف عنده ملياً، وقرع الجرس ، فالمخدرات ما دخلت مجتمعاً إلا أفسدته، وفككته، ورفعت نسب جرائمه ومصائبه.
مشكلة المخدرات متشابكة، تفرّخ معها مشاكل اجتماعية وصحية وأمنية واقتصادية، من تفكك أسري، وارتفاع نسب الجرائم، وتفشي الامراض، وهدر المال العام على علاج المدمنين.
تقرير إحصائي صدر سابقاً عن إدارة المعلومات الجنائية، كشف ايضاً عن وقوع جريمة جنائية كل 21 دقيقة و41 ثانية في المملكة ! في مؤشر يظهر مدى تلازم المشكلتين الخطيرتين ببعضهما.. المخدرات والجرائم الجنائية.
تغليظ العقوبات على تجار السمّ الأسود، الذين يدخلونه إلى البلاد، ويفسدون به العباد، ليجنوا منه مالهم الوبال على أنفسهم، بات ضرورة قصوى لضبط المشكلة الخطيرة، بشكل أكثر حسماً، وحزماً، مثلما تغليظها أيضاً على المتاجرين به وأولادنا، ومتعاطوه كذلك، الذين لا يلبثون إلا أياماً معدودات، سواء في مراكز العلاج المخصصة، أو الحجز والسجن، وسرعان ما تجدهم يهرعون مرة تلو مرة إلى عادتهم القديمة السيئة.
بعض الأحياء والاماكن، باتت مرتعاً خصباً لتجار الموت، ويروجونه بشكل علني، وبأسعار بخسة، لتسهيل الحصول عليه، وجرّ شبابنا إلى مستنقع من الصعب الخلاص منه.
اللافت، أن حجم المشكلة أكبر من حجم الضوء المسلط عليها .. واذا لم تستنهض الجهات المختصة جميعها هممها، للوقاية من هذا الخطر الكبير المحدق من جهة، ومكافحته، واعادة النظر في التشريعات الضابطة، بشكل أغلظ، وأكثر حزماً، فنحن بلا شك مقبلون على مرحلة أسوأ، ربما لن نتمكن حينها من السيطرة، مع تأكيد الأرقام بأن نسب جرائم المخدرات قد ارتفعت في غضون سبع سنوات فقط 2010 - 2017 إلى أربعة أضعاف!
والسؤال: كم سترتفع نسب جرائم المخدرات خلال السبع سنوات القادمة؟ في ظل أرقام ومؤشرات متنامية، وحلول لا تتناسب مطلقاً مع فداحتها..
الدستور