مدار الساعة - مجدي سلمان - تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة نهجها الثابت ومبدأها الأصيل في دعم وتمكين المرأة عبر إزالة أي نوع من المعوقات التي يمكن أن تحدّ أو تُعيق مشاركتها الفاعلة في صُنع المستقبل.
وتعيش المرأة الإماراتية اليوم أزهى عصورها في ظل تفعيل دورها وتعظيم مسؤولياتها في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والثقافية، لتصبح شريكاً حقيقياً فاعلاً في وضع وتنفيذ برامج وخطط التنمية المستدامة كافة.
ويمكن القول إن عام 2023 كان عام المرأة الإماراتية بامتياز؛ نظرا لحجم المكاسب التي حققتها والإنجازات الفارقة التي سطّرتها في مختلف المجالات، في ظل توجيهات ودعم رئيس الدولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
ففي مجال التمكين السياسي، جسّدت مشاركة المرأة الإماراتية، كمرشحة وناخبة، في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2023، مدى الريادة والتقدّم الذي وصلت إليه دولة الإمارات على صعيد تمكين المرأة، وتعزيز مشاركتها في عملية صنع القرار الوطني.
وحظيت المرأة الإماراتية بحضور مميز في قوائم الهيئات الانتخابية بنسبة وصلت إلى 51 بالمئة مقابل 49 بالمئة للرجال، في حين ضمت القائمة النهائية للمرشحين 128 مرشحة بنسبة 41 بالمئة من إجمالي المرشحين، كما واصلت المرأة استحواذها على نصف مقاعد المجلس الوطني الاتحادي.
وفي موازاة ذلك تُعدّ مشاركة المرأة الإماراتية في الحكومة من أعلى المعدلات في العالم، حيث يضم مجلس الوزراء الحالي لحكومة دولة الإمارات 9 وزيرات.
وبشأن التوازن بين الجنسين، تمضي دولة الإمارات قُدما في تحقيق مستهدفات استراتيجيتها الوطنية للتوازن بين الجنسين 2022-2026 التي تتضمن 4 ركائز وأهداف رئيسية، وهي: المشاركة الاقتصادية وريادة الأعمال والشمول المالي، والرفاه وجودة الحياة، والحماية، والقيادة والشراكات العالمية.
هذا وأطلقت الإمارات بعض المبادرات الداعمة لترسيخ التوازن بين الجنسين في القطاعين الحكومي والخاص وتعزيز المشاركة الاقتصادية للمرأة ودعمها في قطاع ريادة الأعمال، منها جوائز مؤشر التوازن بين الجنسين التي يتم تقديمها سنوياً للشخصيات والجهات الداعمة للتوازن بين الجنسين على المستوى الحكومي.
كما أطلقت الإمارات "تعهّد تسريع الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة"، الذي يهدف إلى تعزيز التوازن بين الجنسين في القطاع الخاص ورفع نسبة مشاركة المرأة في المناصب القيادية بالإدارة العليا والوسطى إلى 30 بالمئة كحد أدنى بحلول عام 2025.
ويتضمّن التعهّد الذي انضمت إليه الكثير من كبريات الشركات العاملة في مجالات اقتصادية متنوعة، 4 ركائز رئيسية، هي: ضمان المساواة في الأجور، وتعزيز التوظيف والترقية على أساس المساواة بين الجنسين بما في ذلك المناصب القيادية العليا، وتعميم منظور التوازن بين الجنسين في السياسات والبرامج الحاكمة للعمل بالشركات بما يدعم الموظفين، وأخيراً التحلّي بالشفافية وتزويد مجلس الإمارات بين الجنسين بالخطوات المُحقّقة في كل شركة منضمة للتعهّد.
وشهدت الإمارات في تشرين الثاني 2023 إطلاق "المنصة الوطنية للتوازن بين الجنسين" لتكون أداة فاعلة لقياس ورصد بيانات ومشاريع التوازن بين الجنسين بالحكومة الاتحادية والحكومات المحلية.
وفيما يتعلق بمؤتمر المناخ كوب 28 (COP 28)، أكدت المرأة الإماراتية أنها صاحبة بصمة كبيرة في مسيرة العمل المناخي، وقد تجلّى ذلك بوضوح خلال مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (COP 28)، الذي انعقد مؤخرا في الإمارات، حيث تولّت وزيرة تنمية المجتمع، شمّا بنت سهيل بن فارس المزروعي، مهمة "رائد المناخ للشباب" ضمن الفريق القيادي للمؤتمر فيما تولّت رزان المبارك، مهمة "رائد المناخ".
وضمت اللجنة الوطنية العليا للإشراف على أعمال التحضير للمؤتمر في عضويتها كلا من وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي، ريم بنت إبراهيم الهاشمي، ووزيرة الدولة (وزيرة التغيّر المناخي والبيئة سابقا)، مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري، ووزيرة تنمية المجتمع، شمّا بنت سهيل بن فارس المزروعي.
وعزَّزت رئاسة المؤتمر مساهمة المرأة في قضايا التغيُّر المناخي، حيث شهد يوم المساواة بين الجنسين في (COP 28) إعلان رئاسة المؤتمر عن شراكة جديدة تهدف إلى تحقيق انتقال منظَّم ومسؤول وعادل ومنطقي في قطاع الطاقة يُراعي النوع الاجتماعي بدعم أكثر من 60 طرفاً.
وتجدر الإشارة إلى أن وزارة الخارجية ومكتب اتصال هيئة الأمم المتحدة للمرأة في دول مجلس التعاون الخليجي، أطلقا مَطلع شهر آذار الماضي، تحت رعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك "أم الإمارات"، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة والرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، مبادرة "التغيير المناخي والمساواة بين الجنسين"، التي أسهمت في تجسيد الوعي العالمي المتزايد حول ارتباط النوع الاجتماعي وتغيّر المناخ.
وبشأن صحة المرأة، اعتمد مجلس الوزراء الإماراتي، مؤخرا، السياسة الوطنية لتعزيز صحة المرأة في الدولة، التي ترمي إلى إعداد إطار وطني متعدد القطاعات لتعزيز صحة المرأة، من خلال ضمان الحصول على أعلى مستويات خدمات الرعاية الصحية الوقائية والعلاجية والتأهيلية، وتتمحور أهدافها حول بناء الشراكات لتمكين المرأة من الناحية الصحية، وتعزيز صحة الأم والصحة الإنجابية والصحة الجنسية، والوقاية من الأمراض المزمنة التي تصيب المرأة ومكافحتها، وتعزيز صحة المرأة النفسية، وتعزيز الشيخوخة الصحية للمرأة، وتقوية نظم المعلومات والابتكار والقدرة البحثية في مجال صحة المرأة، فضلاً عن إيجاد بيئات معززة لصحة المرأة في الدولة.
وتستهدف السياسة خفض معدل وفيات أمراض السرطان ليبلغ 23.24 لكل 100 ألف من السكان الإناث، وخفض معدل الوفيات ليبلغ 62.77 لكل 100 ألف من السكان الإناث، وتقليل النتائج المتعلقة بالأنماط غير الصحية، وأبرزها السمنة وقلة النشاط البدني بنسبة 3 بالمئة.
وفي مجال المؤشرات التنافسية، حلّت الإمارات في المركز الأول عالميا في عدد من المؤشرات الخاصة بالمرأة والعمل لعام 2023، وعلى رأس ذلك نصُّ القانون فيها على عدم التمييز على أساس الجنس في العمل، ومؤشر وجود تشريع بشأن التحرّش في العمل، ومؤشر وجود قانون عقوبات بشأن التحرّش في العمل، ومؤشر تأييد القانون المساواة في الأجر عن العمل المتساوي القيمة، ومؤشر منع القانون طرد المرأة الحامل، ومؤشر وجود نص في القانون بحصول المرأة على تأمين في فترة إجازة الوضع وفقاً لتقرير المرأة وأنشطة الأعمال والقانون، الصادر عن البنك الدولي لعام 2023.
وجاءت الإمارات في المرتبة الأولى عالمياً في مؤشرات تتعلق بالمرأة والأسرة، وعلى رأسها مؤشر وجود قانون يجرّم العنف الأسري، ومؤشر وجود إجازة أبوة مدفوعة، ومؤشر وجود إجازة والدية مدفوعة، وذلك وفقاً للتقرير ذاته.
وأشار التقرير إلى أن الإمارات حلّت في المركز الأول عالمياً في مؤشر تمكّين المرأة من أن توقّع عقداً قانونياً بالطريقة نفسها التي يتبعها الرجل، ومؤشر أن تسجّل مشروعاً قانونياً بالطريقة نفسها التي يتبعها الرجل، كما جاءت الإمارات في المركز الأول عالمياً في مؤشرات خاصة بالائتمان، على رأسها تمكين المرأة من فتح حساب مصرفي بطريقة قانونية، مثل الرجل، ووجود نص في القانون يحظر التمييز على أساس الجنس في الحصول على الائتمان.
وفي سياق متصل، كشفت لوحة متابعة سكان العالم التابعة للأمم المتحدة، في شهر تموز الماضي، أن دولة الإمارات تأتي ضمن 6 دول فقط حول العالم تبلغ فيها نسبة النساء من إجمالي أعضاء البرلمان 50 بالمئة أو أكثر، فيما حققت نسبة 100 بالمئة لالتحاق الإناث بالمرحلة الابتدائية، وبلغ مؤشر تغطية الخدمات في إطار التغطية الصحية الشاملة في الدولة 78 بالمئة وهي إحدى أعلى المعدلات على المستوى العالمي.
وأشارت اللوحة، المختصة بعرض أحدث الأرقام والبيانات المرتبطة بوضع المرأة حول العالم، إلى وقوع الإمارات ضمن الدول التي توفر مستويات عليا ومتقدمة في ملفات الصحة العامة ولا سيما للنساء والشباب، إضافة إلى تقدّمها في ملف الحقوق ومستويات التوازن بين الجنسين على مستوى دول العالم.