يستعد الأردن في مئويته الثانية لإستحقاقات سياسية كبيرة يراد لها أن تطبع شكل الأردن القادم على قاعدة واحدة تناقش مستقبل الأردن وتقدمه وإزدهاره وتجاوز التحديات الراهنة ضمن حلول عملية وواقعية.
وعلى هذا الفهم الناضج تتحرك الدولة ضمن توجهات ملكية واضحة في مسارات التحديث الثلاث السياسي والإقتصادي والإداري إستعدادا وتلبية لمصالح الدولة الأردنية وتقديم الأفضل لمواطنيها.
في الملف السياسي ثمة أرضية صلبة يستند عليها مسار التحديث السياسي يتمثل أولا في الأوراق النقاشية الملكية السبعة التي صاغت بدقة ملامح الأردن من كل الجوانب وثانيا في مخرجات عمل لجنة تحديث وتطوير المنظومة السياسية وثالثا التشريعات الدستورية الجديدة المتملثة في قانوني الأحزاب والإنتخاب والتي حملت معها هوامش رحبة لمشاركة أوسع للمرأة في العمل العام.
وهو ما جسد ما ذكره جلالة الملك في مناسبات عديدة عن أهمية دور المرأة ودعم حضورها الفضاء العام وخلق بنية تشريعية واجتماعية تتيح وصول المرأة للمناصب القيادية بجانب الرجل وعلى قاعدة الكفاءة والمعرفة.
إتخذ الأردن خطوات مسبقة في هذا السياق انسجاما مع المعاهدات المواثيق الدولية أبرزها إعطاء المرأة حق الترشح للإنتخابات البرلمانية في سبعينات القرن الماضي وكان للمرأة الأردنية منذ مجلس عام 1994 إلى اليوم حضورا في مجلس النواب.
ومع تولي جلالة الملك عبدالله الثاني إبن الحسين سلطاته الدستورية إزدادت بوتيرة متسارعة نسب التمثيل النسائي في العمل العام في مختلف القطاعات.
يشكل هذا الإرث فرصة ثمينة للسعي خلف توسعة مشاركة المرأة السياسية وأيضا مسؤولية وطنية يتحملها الجميع في ضرورة دعم وتمكين مشاركة المرأة ووصولها الى المناصب القيادية في مختلف قطاعات العمل العام.
ثمرة هذا النهج يمكن إلتقاطها في الحراك السياسي القائم اليوم المتمثل في تأسيس أحزاب جديدة والذي فرض فيها قانون الأحزاب نسب محددة للمرأة ليس فقط في الإنتساب بل أيضا بالتمثيل.
كما يمكن إلتقاطها في قانون الانتخاب الذي فرض على الأحزاب تضمين النساء في القائمة الوطنية العامة المرشحة لخوض الإنتخابات البرلمانية.
هذا الإرث وما تراكم عليه وسيتراكم مع المستقبل يستدعي بطبيعة الحال أن تشرع النساء في إتخاذ زمام المبادرة والمساهمة في صياغة شكل الأردن الجديد والدفع بعجلات التنمية الاجتماعية والسياسية والإقتصادية الى الأمام.
فالأردن يعد من أكثر الدول من حيث تعليم نساءه والمرأة الأردنية تمتلك ما يؤهلها للعب أدوار حاسمة ومهمة، واذا كان المطلوب من الدولة ومؤسساتها خلق مناخ ملائم وبنية تحتية تشريعية وثقافية تدعم المرأة ومشاركتها في العمل السياسي، فإن ثمة مسؤولية تقع على عاتق المرأة الأردنية اليوم أن تتقدم وتشارك وأن تخلق تضامنا تدعم فيه النساء بعضهن بما يلبي المصلحة الوطنية وتطلعاتنا.