يختار سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني سنغافورة، واحدة من نمور آسيا الصاعدة اقتصادياً، لتكون محط زيارته الأخيرة، في توقيتٍ سياسيٍ هام على روزنامة المسرح الدولي.
فسنغافورة، واحدة من أهم بلدان الشرق الأقصى وواحدة من أهم التجارب الناجحة اقتصادياً، وذات حضور عالمي يتسم بالمقدرة على استيعاب الآخرين، وأنتجت عقولاً استطاعت صياغة نهضتها منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، ومن هنا تكمن أهمية الزيارة التي أخذت في برنامج سمو ولي العهد أبعاداً متعددة دبلوماسية واقتصادية، وحتى سياسية.
وضمن برنامج الزيارة، واللقاءات التي أجراها سمو ولي العهد، كانت القضية الفلسطينية حاضرة، بتأكيد سموه خلال لقائه رئيس الوزراء السنغافوري على أن المنطقة لن تنعم بالاستقرار دون توقف دوامة العنف والتطرف، وما لم يتم حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وشكر سموه للمسؤولين السنغافوريين على الجهود الإنسانية في قطاع غزة.
كما شرح سموه في سنغافورة المواقف التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني، نحو تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، مستعرضاً وجهة النظر الأردنية، في بلدٍ آسيويٍ هام، له علاقات وحضور في منطقته.
ومن سنغافورة، رعى سموه المعرض الأردني بمنطقة حدائق الخليج هناك، وفي هذا دلالة على إبراز وجه الأردن، وتقديم عقول شبابه ومقدرتهم على تقديم بلدهم، والترويج السياحي للأردن، وفي هذا دلالة ورسالة على أنّ الأردن البلد القادر على تقديم وجه المنطقة الحقيقي للآخر، وما تحتضنه الأرض الأردنية من مواقع أثرية وزراعات وما يصنعه الأردن من منتجات.
فسنغافورة بلد مهم في آسيا، وهي صاحبة اقتصاد قوي ومتكامل، أهلها لأنّ تكون صاحبة حضورٍ، وهي بوابة هامة للأردن في لحظة متغيرات دولية تتجه إلى عالم متعدد العلاقات، ومتنوع الخيارات قائم على المصالح.
إن زيارة سمو ولي العهد، والحضور الذي صاغته رفقة سمو الأميرة رجوة الحسين، هو تعبير عن بلدنا وما يمتلكه من حيوية ورؤىً يحترمها العالم ويصغي لها، ومحورية الدور الأردني في المنطقة، بحاجة دوماً إلى تنشيط علاقاته مع الاقتصاديات والدول التي لها تأثير، وتحظى رؤاها بقبول ويصغي لها العالم، ومن هنا تأتي أهمية زيارة سمو ولي العهد.
وفي الدلالات الأخرى، فإن التشبيك الاقتصادي مع دولة مثل سنغافورة استطاعت أن تثبت حضورها وتتصدر التصنيفات العالمية كاقتصاد واعد، هي تجربة يمكن الاستفادة منها، فنحن اليوم نعيش في عالمٍ يفتح نوافذه على الآخر، ويتغير فيه شكل العلاقات الدولية.
واليوم، ورغم ما يحيط بنا من ظروف فإن هذا الوطن ما يزال فيه الكثير من القدرات، وما تزال رؤاه شابة ومتطلعة إلى المزيد من التقدم والحضور، والمواكبة، وهو طريق يصوغه سمو ولي العهد بقيادة الملك عبدالله الثاني، ليرسي نموذجاً قادراً على تعزيز حضوره، وتثبيت خطاه على الساحة الدولية، مدفوع برصيدٍ كبير من الدبلوماسية والرؤى النشطة، التي محورها الإنسان.
في سنغافورة، شارك سمو ولي العهد بزراعة أول شجرة زيتون أردنية في حدائقها، برمزية تؤكد دوما أن الأردن قادر ويستطيع ترسيخ حضوره ورسالته.