سقطت الدول الغربية سقوطا اخلاقيا وانسانيا في الحرب على قطاع غزة، وخصوصا الولايات المتحدة راعية الديمقراطية والحرية في العالم، فهي تدعي بانها أُم الديمقراطية والعدالة والحرية وتسعى لاحلال السلام والامن في العالم، والاخلاق الاميركية التي يدرسونها في الجامعات ذهبت ادراج الرياح، حين يصوت العالم في الجمعية العامة للامم المتحدة بـ 153 صوت لوقف اطلاق النار وتصوت الولايات المتحدة بعكس العالم، وعندما تصوت بالفيتو اكثر من مرة في مجلس الامن ضد وقف اطلاق النار! نعرف الاسباب التي تدفعها الى اتخاذ هذا الموقف اولا، البعد الايديولوجي الذي يتبناه جو بايدن بانه صهيوني ولا بد له من الوقوف مع المستعمرة اسرائيل، ناهيك عن حالة التحالف مع اسرائيل والدفاع عنها وشعبها، ثانياً: المصالح الاستراتيجية والاقتصادية واساسيات الهيمنة والسيطرة، عامل اخر يدفعها لاتخاذ هذا الموقف غير الانساني والاخلاقي في هذه الحرب غير العادلة، ثالثا، الابعاد الانسانية والاخلاقية ليس لها قيمة امام المصالح والنفوذ الذي تسعى لتحقيقه اذ تقوم اسرائيل بعملية تدمير شامل، وابادة جماعية لاهل غزة هادفة الى التهجير، والانتهاء من القضية الفلسطينية بالكامل على حساب الشعب العربي الفلسطيني والدول المجاورة، ان العقل الاسرائيلي الممعن بالقتل والدمار هدفه تهجير اكبر قدر من اهل غزة اولا، وثانيا الضفة الغربية وحل الصراع على حساب اطراف اخرى ، فالسعي لايجاد دول تقبل اعداد من المهاجرين تحت ضغط وقوة السلاح.
ان القتل الممنهج والشامل والتدمير المتعمد للبشر والشجر والحجر هدفه الخلاص للوصول الى الدولة الدينية اليهودية في كل فلسطين التاريخية، وصل المعدل العام للقتل يوميا بعد مرور ما يزيد عن 80 يوما الى 255 انساني غزي يوميا، والعالم جلّه وكله يتفرج ولا يقوى على كبح جماح هذا العدوان الغاشم، عندما بدأت الأزمة الاوكرانية قادت الولايات المتحدة حملة سياسية ضد روسيا بانها تقترف جرائم حرب وتم ادانة بوتين امام المحكمة الدولية بانه مجرم حرب، ووقفت كل الدول الاوروبية داعمة للموقف الاميركي في اوكرانيا سياسياً، واقتصادياً، وعسكرياً ومالياً، وقدمت مئات المليارات ضد الغزو الروسي وبالمقارنة اين هذا الموقف من الحرب على قطاع غزة؟.
انه ازدواج المعايير والتناقض في المواقف الاخلاقية والانسانية لهذه الدول التي تدّعي بانها راعية للعدل والمساواة والحرية. انها حالة من العنصرية في الوقوف مع العِرق الأبيض ضد بقية الاعراق، حالة من الانحياز وربما التحالف مع اسرائيل والصهيونية العالمية للقضاء على اهل فلسطين وتحديدا اهل القطاع المكلوم والمغلوب على أمره في هذه الحرب غير العادلة.
ان ما يجري اثبت للعالم سقوط كل المنظمات الدولية على مختلف مستوياتها، وسقوطا فاضحا للقانون الدولي، والدولي والانساني واتفاقات جنيف الاربعة، وفشلا صارخا للمنظومة الدولية مؤسسات وقوانين في تعاملها مع هذا الصراع، واثبتت هذه الحرب ان اسرائيل فوق القانون الدولي ولا تعطي بالاً لهذه المنظومة وقوانينها، وان هناك تأييدا دوليا واسنادا من المنظومة العالمية وخصوصا الولايات المتحدة التي قدمت جسرا جويا وصل الى 230 طائرة مُحمّلة بالسلاح والذخائر، ناهيك عن الاساطيل في البحر الابيض المتوسط، والبحر الاحمر دعما لامن اسرائيل، اما عن عجز النظام العربي الرسمي فحدث ولا حرج، فقد اثبتت هذه الحرب بما لا يدع مجالا للشك انهيارا كاملا لهذه المنظومة التي لا تهتم بمصالحها امام الاهداف الصهيونية في المنطقة العربية برمتها، والقادم اعظم لهذه المخططات المرسومة بدقة.