انشأت الإمبراطورية البريطانية المستعمِرة لفلسطين، دولةً خدِاج عبر سِفاح غير متجانس وحملت إسم إسرائيل، ثم قذفت بها إلى الولايات المتحدة الأميركية التي تلقفتها كنسرّ جارح لا يترك أي أثر لقبيلة العصافير، وفي مقياس عبر "الفيرجار" لا يكون ذلك الكيان المسخ سوى نقطة غير مرئية إذا قارنه بأميركا العظمى، فكيف أصبح اليوم هو الآمر الناهي والحاكم المطُلق على البيت الأبيض؟ وكيف سقطت نجمة الحرية التي ترفعها أميركا على سارية أعلامها عندما تكون القضية هي معادية لإسرائيل، حيث تبنت هذا الكيان بكل ما أوتي رؤساؤها من عزم لتدافع عنها على الباطل الذي انكشف أخيراً عبر الكرة الأرضية اليوم.
ثم يسأل الأميركيون: لماذا يكرهوننا؟ والجواب أن دول العالم التي وقعت تحت حروبها من أٌقصى الشرق إلى أقصى جنوب الغرب، لا يكرهون أميركا كدولة عظمى بل يكرهون الإدارات المتتالية التي أدارات حروباً فشلت فيها جميعاً وخلفّت آثارا مرعبة من القتلى والهدمّ حتى وصلت أفضل الدول ومنها عربية إلى دول عاثت بها الفوضى والاقتتال الداخلي وهجرة جماعية، وهذا كله سلسلة من محاولة إفشال الدول الكبرى في العالم العربي وغير المنقادة منها، وكل ذلك كي تبقى دولة الكيان متحكمة بالعالم الأول والمتأخر.
وبالعودة إلى إسرائيل فإن بعضاً من رؤساء الولايات المتحدة لم يتسامحوا مع الإدارة الإسرائيلية، خصوصا في بداية نشوء الكيان المحتل، واليوم بعد ستين عاماً يظهر المؤرخ الأميركي "مارتن ساندلر" ليفضح سرّ مقتل الرئيس جون كنيدي متهماً الموساد باغتياله، عقب نقاش حاد بين كينيدي وبن غوريون يطلب فيه كيندي إيقاف المشروع النووي في محطة ديمونا، مشيراً إلى أنه يبحث جاهداً لاتفاقية دولية لحظر التجارب النووية ويطلب من بن غوريون التوقف فوراً، ولم تمض الشهور الستة حتى تمت عملية اغتيال كيندي المشهورة، لهذا نرى أن السيطرة الصهيونية على الرؤساء في أميركا وإنجلترا وبقية من أوروبا لا مثيل لها في العالم.
اليوم بعد سبعين يوماً من الحرب البربرية على قطاع غزة، لا يزال الجيش الصهيوني يراكم فشله في إخضاع القطاع، ويقتل جنوده ويرمي المسؤولية على عدم تقدير الموقف، لينقلب السحر على الساحر، فترى غالبية القتلى من جنوده لا يتجاوزون بالعمر أكثر من ثلاثة وعشرين عاماً، ومرتزقة ممن لا أهل ولا أصل له، فغالبيتهم لقطاء يبحثون عن المال، فيما أهل الأرض الأصيلين يدافعون بكل قوة وصلّف، وهذه القاعدة الرئيسة التي تقول أن الأرض تدافع مع أهلها ضد أعدائهم، و حيث نرى المؤمنون بربهم يدافعون عن أرضهم وعرضهم، فإننا نرى كيف يهرب جنود تل أبيب كالفئران.
بالمقابل وفي مقتطف من مقال للبرفيسورة " روحاما فايس" في يديعوت أحرونوت، تقول الصهباء: أن" النبي يوسف هو قصة النجاح الكتابية، فهو اليهودي المتجول الذي كان ملكًا. ومع كل حساسيته تجاه عائلته، لا يجد مكاناً في قلبه لآلام المصريين بصفته نائب الملك على مصر، فهو لا يرى سوى مكانه في التسلسل الهرمي، والتزامه برعاية الملك وحقه في قمع جميع الرعايا أيام الوفرة، فيأخذ كنوز الحبوب من الشعب المصري لتخزينها،(...) ويجمع منهم المزيد والمزيد من المال، حيث أدخل الشعب المصري في حفرة اقتصادية وفي نهاية العملية استعبدهم للملك، وفي نفس الوقت يسُكن عائلته في أفضل أرض مصر.
لذلك نرى كيف أن إيمان هؤلاء الرهط مسكونٌ بالإسرائيليات والميتافيزيقات، فكيف يرسمون صورة للنبي يوسف، الذي صوره القرآن الكريم بأسمى آيات الجمال والكمال والعفّة والطهارة، ثم لا يزالون غير مقتنعين حتى بالنبي يعقوب، ولا حتى في النبي موسى، معتمدين على خرافات من أزمنة غابرة، ولهذا سينتصر الفلسطينيون عاجلاً أم أجلاً، لأنهم أهل قضية وليسوا مجرد لاجئين مشردين حول العالم سرقوا بلدا غير بلادهم.