أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات وفيات جامعات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

خطأ 'حماس' الاستراتيجي


فايز الفايز

خطأ 'حماس' الاستراتيجي

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ
لم تكن الحرب المسعورة على قطاع غزة هي المرة الأولى فقد سبقتها حروب أقل تكلفة، ونشدد هنا أن الحرب من طرف واحد تمثله حكومة الاحتلال كلما أطلق فلسطيني النار أو قام بمواجهة ضد عناصر «الشاباك»، فتجند جنودها وتنادي هيا بنا إلى الحرب، ولكن ما حصل في السابع من تشرين لم يكن في الحسبان عند الطرفين، أكان في الهجوم الثلاثي الذي نفذته كتائب القسام على مستعمرات غلاف غزة لأول مرة، ولا عند الجانب الإسرائيلي الذي لم يستطع أحد من قيادات الحكومة الفاسدة في تل أبيب أن يبتلع ريقه أو يحلل ما جرى.
من هناك يقول البعض إن «حماس» ارتكبت خطأً فادحاً بذلك الهجوم، وبعد أكثر من شهرين على الحرب الهمجية ضد قطاع غزة يمكن للعالم أجمع أن يفهم أن ذلك الكيان لا يسعى أبداً إلى سلام مع أصحاب الأرض الأصليين، بل جاء هجوم «حماس» فرصة كان ينتظرها رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو كي ينقض على غزة ومن فيها وهكذا فعل، وبعيداً عن «حماس» والفصائل الأخرى سنرى أن نتنياهو قرر إبادة ربع الشعب الفلسطيني في غزة ومسح السكان فيها ليدفنهم تحت الأنقاض، وكل ذلك هروباً للتغطية على ما ينتظره من محاكمة تنهي وجوده.
هنا لا نلقي باللائمة على «حماس» أو ندّعي أنها جلبت الويّل لغزة، بل يبدو أن ذلك التاريخ كان درساً للنيّل من نتنياهو شخصياً والمتوحشين في حكومته، إذ سبق وأن تمت محاصرة المدن الفلسطينية واجتاحت المخيمات وقتلت واعتقلت العديد من الشبان في الضفة الغربية، وداهمت المسجد الأقصى ومنعت دخول المصلين للمسجد واعتقلت من قبل مفتي القدس عكرمة صبري وعادت مرة أخرى لاقتحام بناية سكنية يسكن فيها وتضم سبع عشرة شقة، وقبل هذا قامت قوات الاحتلال بهدم البيت التاريخي لمفتي القدس الأسبق أمين الحسيني بحي الشيخ جرّاح العام 2011، وقبل أ?ابيع مضت اقتحم المستوطنون حي الأرمن واقتطعوا منه جزءاً ومنعوا الشبان المسيحيين الأرمن، كما هدموا بيوت الشبان المقاومين.
نعود لخطأ «حماس» الاستراتيجي، فقد كان من الممكن الإنتظار حتى يقع نتنياهو وحكومته قبل موعد رحيله وقبل نهاية العام على أبعد تقدير، بناءً على المحاكمة المستمرة له مشوبة بالإتهامات والشبهات التي تطارده، حيث وجد نتنياهو فرصة لشراء الوقت، ولكنه لن يفلت من العقوبة وسيزج به في السجن بعد عقد ونصف من تبوؤه رئاسة الحكومات، تماماً كما حصل مع سابقه إيهود أولمرت الذي أودع السجن، وهاهو ينتقد بشدة سياسة نتنياهو المبنية على عقلية صهيونية والمتكئة على الإدارة الأميركية، ولهذا يريد إدامة الحرب ضد المدنيين من أجل إخلاء قطاع غ?ة بالكامل وسيفعل ذلك عاجلاً أو أجلاً.
ومع ما ذكر أنفاً، هل كانت حماس على خطأ، كما يقول البعض من أن ذلك الخطأ الاستراتيجي قد سمح للحكومة الفاشية أن تفتح بوابات الجحيم على غزة وخان يونس وكل من يمشي على قدميه في جنوب فلسطين؟ والسؤال هنا ليس له جواب، فالقطاع كان محاصرا منذ سنوات طويلة، والجميع يعرف كيف تتعامل حكومة الاحتلال مع قطاع غزة أو في القدس وبقية المدن الفلسطينية، في ظل صمت عالمي عبر سنين طويلة، ولكن جاءت هذه الحرب البربرية لتفضح ذلك الكيان المغتصب، حيث جاء المشردون من أصقاع العالم ضمن صفقة إمبريالية وتم استبدال الشعب الفلسطيني بشعب يهودي ع?ش لقرون طويلة تحت حكم دول أوروبا.
اليوم بات الحديث عن تهجير كافة شعب غزة إلى دول مجاورة، وحتى لو هاجر نصف السكان منها لن تعود غزة كما كانت، ورغم رفض الدول المجاورة وأهمها الأردن ومصر فلن يستسلم العدو عن إبعاد الغزيّين خارج الأرض الفلسطينية، وهذا ما يستوجب قرار عربي لمواجهة الكيان بصلف، فاليوم ليس مثل عام 1948 و 1967، ولنا شاهد قريب في الحرب السورية حيث هاجر أو لجأ ملايين السوريين والخوف يطاردهم حتى الآن، وقبلهم العراقيون وتتكبد الدول المستضيفة فاتورة باهضة الثمن في ظل عجز الموازنات الحكومية وتقليص المساعدات وانكفاء الدول المانحة على نفسها.
ولهذا يجب على العرب أن يتحدوا لمقاومة أي تهجير لأهل غزة أو الضفة الغربية وإلا لكنا متعاونين مع أعدائنا، وستبقى «حماس» وأهل غزة شوكة في حلق الكيان مهما جرى من أخطاء.
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ