انتخابات نواب الأردن 2024 اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للاردنيين احزاب رياضة أسرار و مجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مقالات جاهات واعراس مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة كاريكاتير طقس اليوم رفوف المكتبات

إعدام غزة.. إعدام قيم العالم بأكمله


د.محمد يونس العبادي
كاتب وأكاديمي أردني

إعدام غزة.. إعدام قيم العالم بأكمله

د.محمد يونس العبادي
كاتب وأكاديمي أردني
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ نشر في 2023/11/20 الساعة 05:19
ربما تشبه مناخات اليوم، وما يجري في غزة مناخات النكبة، ولكنها اليوم أخطر، فالحكومة التي تدير هذه الحرب هي نتاج تطرف يميني قائم على العقيدة.
فنحن اليوم أمام مخاطر تتجاوز الحرب على غزة، بل وترسم سياقات لصدام يفوق ما تحدث عنه منظرو صراع الحضارات أو صدامها، فشعور اي ذات، وتحديدا الذات العربية المناصرة لفلسطين، وفي أوسع منها الذات الإسلامية بالضعف أو العجز سيولد شعورا بالظلم والمرارة يدخل العالم بما هو أوسع من صدام في فترات مضت.
ذلك أن إعدام غزة، وهو المشروع الذي تقوده اليوم حكومة يمينية متطرفة سيكرس في الوعي الجمعي مرحلة جديدة من الصراع تتجاوز أي سيناريو يرسمه سياسيو هذه الحكومة الاسرائيلية التي تقود العالم إلى الهاوية، غير آبهة بالنتائج.
فكما قلنا في مقالات سابقة، فإن غزة اليوم تختبر العالم وقواعده، وقيمه التي كانت نتاجا لمرحلة ما بعد حربين عالميتين، وهي في غزة مختلفة عما سواها من قضايا واجهها العالم في مرات مضت، ذلك أن القضية الفلسطينية هي اقدم قضايا العالم، وهي الرمزية التي ما تزال تفرز العالم، بدوله وتوجهات سياسييه وتياراته الفكرية.
لذا فما يجري من ظلم للفلسطينيبن اليوم، وتهجير، وتجويع، وضرب مستشفيات.. هو مشهد غير مسبوق في العالم الذي يدعي انه يملك قيما وله إرث، فنحن لا نرى سوى مشهد يريد إعدام نحو مليوني شخص، وهناك تتشكل رموز بينها أصبح مستشفى الشفاء، وصورة النازح، وأي نصر يعتقد نتنياهو ووزارؤه انهم يحققوه، ليس سوى وهم فردات الفعل لن تنتهي والذات الفلسطينية أثبتت على مدار عقود أنها صلبة ومؤمنة بحقها في العدالة.
وهذا العالم العاجز عن حماية المساجد والكنائس في غزة، والعاجز عن حماية مستشفيات ونازحين لا حول لهم ولا قوة، يرسم على جبينه عارا سيبقى ماثلا أمامه، في نموذج أو مشهد سوريالي يستهزأ بكل ادعاءاته من تحضر وقيم، وعلى قدر أهمية التعويل على حراك الشارع في الغرب، فإن الأهم هو حراك النخب في الغرب واقتناعها أن ما يجري يتجاوز حدود غزة.
ذلك أن آلة القتل الإسرائيلية تغتال ليس أبرياء وحسب، بل تغتال قيم الغرب وما يدعيه من انسانية، وهي تنتج أجيالا لن تنسى.
واذا ما بقي هذا العجز، حتى عن طرح فكرة ومشروع عدالة لفلسطين وأهلها فلن يكون هناك هدوء، ولن يقتنع الملايين باي خطاب يتحدث عن التسامح، وغيره من الخطابات المتشابهة.
إن إعدام غزة، وهو ما تفعله إسرائيل اليوم، سيعني إعدام قيم وتاريخ عالم باكمله، وما قبل ذلك لن يكون كما بعده، فعلى عقلاء العالم لجم إسرائيل اليوم، قبل الوصول إلى نقطة انفجار سيكون معها من المحال العودة لأي مربع سابق، فغزة ما تزال تختبر العالم..
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ نشر في 2023/11/20 الساعة 05:19