كتب - محمد عبدالكريم الزيود
أذكر ذلك اليوم السابع من شباط 1999 .. والسماء مثقلة بالغيم.. والمطر محبوس في المآقي... كنا مجموعة من ضباط الجيش العربي جالسين في نادي الكتيبة وعيوننا معلقة بالتلفاز نبحث عن خبر يريح قلوبنا عن صحة الحسين مع أننا لم ننم طوال الليل ونحن نستمع لإذاعة لندن بي بي سي ومونتو كارلو عله يأتينا ما نبتعد عنه ما يخيفنا من إشاعات.
عندما أطل إبراهيم شاهزادة ينعى الحسين ..لأول مرة أرى دموع الرجال تفيض حبا وشوقا ورحمة على رجل تفتحت عيوننا عليه ... كان خبرا صاعقا وكأننا كنا نعتقد أن الحسين لن يموت... علقنا أشرطة الحداد السوداء على أذرعنا ولكن كنا على قدر المسؤولية وشعرنا جميعا كبقية الأردنيين بأن يجب أن نكون أقوياء وليظل الجيش والوطن أقوى وطوينا الحزن في قلوبنا حتى اليوم .
عندما مرت جنازة الحسين محمولة على السيارة الملكية إصطف الناس بنظام عالي الدقة وانضباطية عفوية والحزن يعمر قلوبهم والسماء تبكي بأمطار كثيفة ولكن لم يمنعهم حبهم للحسين لوداعه وهو يخترق شوارع عمان التي أحب.
الحسين كان يمثل لجيلنا قصة الأردن وبناه على مدار نصف قرن وأنما نظرت إلى الأردن الحديث ترى وجه الحسين وبصمته في مدنه وقراه وبواديه ومخيماته وفي مستشفياته وجامعاته .. تراه في عيون الناس يرددونه أهزوجة وطنية عفوية ، وتقرأه في كتاب التاريخ بطلا قاد معارك الشرف في حرب عام ١٩٦٧ وحرب الكرامة هو وصحبه من رجال الدولة الذين بنوا وأسسوا مداميك الوطن وأسواره ...
رحم الله الحسين وغفر له وأطال عمر أبي الحسين وعزز الله ملكه والسلام على الزملاء رفاق السلاح أنما كانوا اليوم.