مدار الساعة - بدأ مجلس الأعيان إجراء سلسلة حوارات وطنية شاملة مع مختلف مكونات المجتمع السياسية والنقابية والحزبية والأكاديمية والاقتصادية والنسائية والشبابية، عن أبرز التحديات والصعوبات التي تعيشها المملكة على مختلف الأبعاد المحلية والتأثيرات الخارجية.
وتأتي الحوارات الوطنية، التي بدأها رئيس المجلس فيصل الفايز اليوم الأحد بلقاء ممثلي القطاع التجاري والصناعي، ترجمة لمضامين الأوراق النقاشية التي طرحها جلالة الملك عبدالله الثاني ودعت إلى فتح حوارات وطنية لإيجاد تفاهمات حول مستقبل الإصلاح الشامل في المملكة.
وقال الفايز إن الهدف من الحوارات هو إيجاد تصورات واضحة حول مختلف القضايا والتحديات القائمة، والمضي قدمًا وفق برامج توافقية نحو الإصلاحات المنشودة بمشاركة الجميع.
واضاف ان الحوارات تناقش مختلف التحديات، وتبحث مع ذوي الاختصاص الحلول المناسبة، كما تتضمن تحديدا للأدوار والمسؤوليات التي تقع على عاتق كل جهة على المستوى الوطني، فضلًا عن الخروج بمبادرات تدعم عمليات الإصلاح وتسهم في تعزيز فرص النهوض بالمملكة.
وأوضح أن انطلاق الحوارات جاءت من البعد الاقتصادي، لما له من ارتباط وثيق ومباشر مع البعدين السياسي والاجتماعي، ويعد محورًا للتوازن في معادلة الإصلاح الشامل الذي تسير عليه المملكة، إلى جانب حجم الصعوبات والتحديات الاقتصادية التي تواجهها المملكة محليا وإقليميا.
ودعا القطاعات الصناعية والتجارية والانتاجية على المستوى المحلي، إلى التركيز في المرحلة الحالية على تشغيل الشباب الأردني، وفتح آفاق تجارية جديدة تصل إلى مختلف قرى وأرياف وبوادي المملكة، ومراعاة الأوضاع الاقتصادية للمواطنين.
وأكد أهمية تبني تلك القطاعات للطاقات والإمكانيات والقدرات التي يتمتع بها الشباب الأردني، الذي أثبت قدرته على العطاء في أماكن متعددة، فضلًا عن تبني المبادرات والابتكارات التي يطرحها أبناء الوطن، بما يصب بشكل مباشر في تحسين خطوط الإنتاج ورفع كفاءة المنتج، ليصل إلى أفضل المعايير والنماذج العالمية.
وأشار الفايز إلى ضرورة الاستفادة من التسهيلات التي تتمتع بها المملكة، من خلال الاتفاقيات التجارية التي تجمعها مع دول عدة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، إلى جانب النظر بعين الاعتبار للأسواق الواعدة كالأسواق الإفريقية.
وبين أن حجم التحديات التي تواجه القطاعات الصناعية والتجارية في المملكة "كبيرة"، كما هو الحال على المستوى العالمي، إلا أن حالة الصراعات التي تعيشها المنطقة زادت من حجم تلك التحديات، الأمر الذي يدعو إلى وضع التسهيلات لخلق بيئة استثمارية جاذبة، دون المساس بالاستثمار الوطني، فضلًا عن منح المستثمرين ميزات للاستثمار في المحافظات، من خلال الاعفاءات الضريبة، وتأجير الأرض بأسعار رمزية.
وقال أن الأردن يواجه تحديات اقتصادية كبيرة، سببها الأوضاع المحيطة به، وانخفاض صادراته للخارج بسبب اغلاق الحدود مع سوريا والعراق، واستضافة عدد كبير من اللاجئين السوريين، وانقطاع الغاز العراقي والمصري، إلى جانب شح المساعدات العربية والدولية.
ولفت الى اثر التحديات المباشر على حياة المواطن، ما يدعو لإتباع نهج اقتصادي جديد يسارع في عملية النمو الاقتصادي ويعظم الانتاج الوطني، وتحفيز التنافسية، وتعزيز موارد الدولة، من خلال منظومة ضريبة عادلة لشرائح المجتمع كافة.
ودعا رئيس مجلس الاعيان إلى دعم بيئة الأعمال والمساعدة في خلق أعمال ريادية تعتمد على الابتكار والإبداع، ما يشكل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، من خلال تمكين الشباب والمرأة، والعمل على حل مشكلتي الفقر والبطالة، وتوزيع مكتسبات التنمية على كافة المحافظات بعدالة.
وأكد ان الأردن يسير ضمن برنامج إصلاح اقتصادي شامل، ويجب أن تكون أي اصلاحات اقتصادية ومالية مصاحبه له مرتبطة بمؤشرات زمنية، وأن لا تؤثر على ذوي الدخل المحدود والطبقة المتوسطة.
وأوضح الفايز أن المملكة مرت عبر مراحلها كافة بتحديات سياسية وأمنية كبيرة، إلا أنها تجاوزتها وحافظت على الأمن والاستقرار بفضل حكمة جلالة الملك عبدالله الثاني ووعي المواطن، ومنعة الأجهزة الأمنية والعسكرية، مؤكدا أن الأردن دولة إصلاحية، وأن الإصلاح الشامل يسير بخطى ثابتة ومتدرجة، إذ يمتلك دستورًا متقدمًا يصون الحريات العامة ويحميها، ويضمن التعددية السياسية والفكرية وقبول الآخر، فضلًا عن القوانين الناظمة للعمل السياسي والحزبي والممارسات الديمقراطية، إلا أن الحياة الحزبية والسياسية مازالت بحاجة إلى آليات تطوير، وصولًا إلى الحكومات البرلمانية التي تُعتبر الركن الأساس في عملية الاصلاح السياسي.
ونوه بأن السبيل للوصول إلى حكومات برلمانية يكمن في إعادة بناء ثقافة الديمقراطية من جديد، والإيمان بالدولة المدنية وسيادة القانون، وأن يكون القضاء المرجعية الوحيدة في حل الخلافات والنزاعات.
واشار الى أن المجتمع يواجه مشكلات اجتماعية "كبيرة ومقلقة"، وبحاجة إلى معالجات حقيقية وسريعة، إذ تتمحور أبرزها في التجاوزات على هيبة الدولة ورموزها، والتجاوز على القوانين والاستهتار بها خصوصًا قانوني "السير والبيئة"، إلى جانب العنف المجتمعي والجامعي.
كما تتطرق إلى ممارسات خاطئة على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، تسببت بانتشار خطاب الكراهية، والخطاب الجهوي والاقليمي، والتحريض والفتنة، واغتيال الشخصيات الوطنية، وانتهاك الخصوصيات، واتهام الجميع بطريقة لا تمت بصلة إلى حرية الرأي والتعبير.
وطالب بإعادة النظر في القوانين بهدف تغليظ العقوبات، لأن، "من لا ترده الأخلاق يردعه القانون"، إلى جانب تطبيق القوانين بحزم وعدالة على الجميع، والاستمرار بالحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي، وتعزيز الانتماء والولاء الوطني والعمل على اعادة احياء القيم الأصيلة، وتعزيز مفهوم المواطنة الفاعلة، وتكريس ثقافة العمل التطوعي والخيري.
وتابع: تحقيقًا للأمن الاجتماعي والتكافل الاجتماعي للجميع، هناك مسؤولية تترتب على مؤسسات المجتمع المدني، من الاكاديميين اساتذة الجامعات والمدارس، ورجال الدين، والعلماء، ووسائل الإعلام المختلفة لمحاربة هذه الظواهر السلبية، فضلًا عن الحاجة لاتباع وسائل جديدة في التعامل مع الشباب باستخدام الحجة والمنطق.
بدورهم تناول ممثلو غرف الصناعة والتجارة أبرز التحديات التي تواجه القطاع الاقتصادي من حيث عدم استقرار التشريعات الناظمة للقطاع، وتعزيز النمو الاقتصادي والاستثمار من خلال خفض كلف الانتاج، وربط الضريبة بالتشغيل في المنشآت الاقتصادية، والغاء التمايز الضريبي في القطاعين الصناعي والتجاري، داعين الى شراكة حقيقية مع القطاع الخاص وتعزيز الثقة بالحوار وتطبيق القانون.
وشددوا على ضرورة النظر للبيئة الاقتصادية والاستثمارية عند دراسة قانون ضريبة الدخل وبشكل لا يضر بالاستثمار والتنافسية، فضلا عن دراسة شاملة لمجمل العبء الضريبي واثره على الاقتصاد الوطني والشرائح المختلفة.
حضر اللقاء رئيس اللجنة المالية والاقتصادية الدكتور امية طوقان، ومقرر اللجنة المهندس عمر المعاني، ورؤساء غرف تجارة الاردن العين نائل الكباريتي، وتجارة عمان عيسى مراد، وصناعة الاردن عدنان ابو الراغب، وصناعة عمان العين زياد الحمصي، وممثلو غرف الصناعة والتجارة بالمملكة.