العميد (م) عثمان مزلوه الدراوشه
جاءت زيارة سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني إلى معان وتحديداً جامعة الحسين بن طلال ، والتي ترافقت مع احتفال سموه بعيد ميلاده الميمون، شمعةً تضيء مستقبل الشباب المجهول ، فكان خطاب الأمير الحسين لطلبة جامعة الحسين، رسالةً واضحةً ومسؤولة، الى كل الشباب الأردني في مختلف مواقعهم، والى كل المسؤولين على اختلاف مستوياتهم، ليقوم كلٌ بدوره للنهوض بالأردن نحو التطور والتغيير الإيجابي، ودعا سموه الشباب من خلال حديثه عن التحديات التي يمر بها جيل الشباب، سواء من الإقليم الملتهب من حولنا والمناخ الاقتصادي المثقل بالأزمات ، أو البطالة التي باتت تُشكل تحدي ، ليس حصراً على الأردن بل على كثير من دول العالم ، وأن هذه التحديات يجب أن لا تُبقينا نراوح مكاننا ، فلا توجد وصفة سحرية جاهزة لحل هذه المشكلات وهذه التحديات المعقدة التي تحيط بنا وتؤثر سلباً على مستقبل شبابنا.
وذكر سموه ومن خلال تجربته الشخصية في قطاع تكنولوجيا المعلومات ، أنًه لا بد من الاعتماد على النفس وإتاحة الفرصة للرواد من جيل الشباب ، لأن المستقبل لا ينتظر ، وأنً جيل الشباب هو المكلف بالقفز بالأردن نحو المستقبل، حيث تُصنع الفرص بالطموح والابتكار والريادة، وطالب المسؤولين بتوفير البيئة التي تسمح بخلق الفرص ، بحيث تكون بيئة تستقبل الريادة وتحتضن الإبداع ، وتقدر المواهب ، فعلى المسؤولين في مختلف مواقعهم توفير مساحات للانطلاق، دون وضع قيود ومحددات تمنع انطلاق الشباب بالأردن نحو المستقبل المشرق.
وأكد سموه أن افتخارنا بالماضي والتراث يجب أن لا يُبقينا في صراع بين تقاليد الفكر الماضي وبين العصر الراهن بتوجيهاته وتقنياته، لأن هذا الصراع سيجعلنا نراوح مكاننا ، ونتخلف عن الركب العلمي ، وأنًه لا بد من تعزيز قيم التغيير والتجديد والابتعاد عن التبعية والانقياد.
وتطرق سموه إلى دور جلالة الملك في التوجيه وضرورة إعطاء مساحة في الاختيار، لأن الدروس التي تُكتسب من الفشل أثمن بكثير من النجاح، لأن الخيار مسؤولية، فالإنسان أغلى ما نملك، ولذا يجب الإيمان بالشباب الأردني وبقدراته، وأنه لا بد من وجود رؤية ثاقبة، وقليل من الإيمان بها مع الكثير من الهمة ، عندها سيكرر الشباب الأردني تجربة سنغافورة وكوريا الجنوبية.
ولم يغب عن فكر سمو الأمير في بداية حديثه أمام طلبة جامعة الحسين التطرق إلى دور معان في استقبال الثورة العربية الكبرى وعن دور معان في المحطات الهامة في تاريخ الأردن ، فكان حديثه حديث العارف بتفاصيل الوطن ماضيه وحاضره.
سمو الأمير الحسين ومن خلال حديثه الذي اتسم بالصراحة والشفافية، حمل معه الرؤية الحقيقية للنهوض بالأردن نحو المستقبل، من خلال إيمانه بالشباب وقدرتهم على تجاوز كل العقبات والتحديات.
وأخيراً يبقى حديث سمو ولي العهد مبتوراً إن لم يلتقط المسؤولون ويقرأوا المطلوب منهم ، ويبدأوا بتنفيذ ما جاء في خطاب سمو الأمير الحسين ، بحيث يستطيع الشباب الأردني الانطلاق نحو المستقبل في مساحة تخلو من التحديات والعقبات وعوامل الإحباط ، وبالتالي نصل إلى جيل خالٍ من المخدرات، مؤمن بدوره الريادي نحو مستقبل أفضل له وللوطن، ولكن بشرط أنْ لا تقتصر هذه المبادرات على جهات محددة ، ولا تصل إلى الشباب في المناطق النائية ، والذين هم بأمس الحاجة إلى تفعيل دورهم والإيمان به، فهم أحوج ما يكونوا إلى مشاركة المسؤولين همومهم وتطلعاتهم ، ومساعدتهم في رسم خطط مستقبلهم بما يتوائم ومستقبل باقي شباب الوطن في مختلف المحافظات ، فرسالة سمو ولي العهد انطلقت من الجنوب لأنه يعلم أنً شباب الجنوب ، وجنوب الجنوب تحديداً والمغيبون دائماً عن مبادرات الوطن ، هم في امس الحاجة لهذه المبادرات، لكي يصنعوا مستقبلهم وفق الرؤى الهاشمية ، فيكونوا دائماً جزءً من الحل لا جزءً من المشكلة.