أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية شهادة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

دولة مكشوفة الظهر

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ
حجم الخط

استعرضت في المقالين السابقين، عدد من الأسباب التي أدت إلى شعور الأردنيين بالقلق على مستقبلهم، وبعدم الرضا من واقعهم، ومنها عدم اكتراث المسؤولين بالرسائل التي كانت تحملها حركة الاعتصامات والحراكات، ومنها تنامي الحديث عن الفساد في أجهزة الدولة واهتزاز ثقة الأردنيين بأداء الكثير من المؤسسات، وكذلك أداء من يتولى إدارتها. غير أن ما أجج غضب الأردنيين ودفعهم إلى الخروج إلى الميادين والساحات للتعبير عن هذا الغضب، هي السياسة المالية الرعناء، المعتمدة على الجباية، التي اعتمدتها بأسلوب فج الحكومة التي أقالتها في رمضان جماهير الأردنيين الغاضبة.

لقد ولدت سياسة الجباية الرعناء التي وصلت ذروتها على يدي حكومة الملقي، إنقساماً طبقياً حاداً في المجتمع الأردني على أساس اقتصادي، بسبب غياب السياسية الاقتصادية التي لم تراع في قراراتها الأبعاد الاجتماعية والسياسية، واستبدال ذلك بسياسة مالية تعتمد لغة الأرقام الصماء فقط، الأمر الذي عمق الهوة الطبقية لتصبح قنبلة موقوتة، ومدخلاً من مداخل أعداء الوطن، لإشعال الفتنة بين أبنائه، بسبب دور هذه السياسة المالية في تعظيم حالة عدم الرضا التي يعيشها الأردنيون، والتي تشكل الأوضاع الاقتصادية، سببها الأول الذي نمى لديهم شعوراً متعاضماً بالقلق والخوف من المستقبل، وهو خوف يغذيه قلق من الأوضاع السياسية السائدة في المحيط، والتي تترك آثارها على بلدنا، وعلى تفاصيل الحياة اليومية لمواطنيه.

مما زاد من تغذية قلق المواطن الأردني وغضبة أن سياسة الجباية ترافقت مع سلوك متعالي وباذخ من قبل بعض المسؤولين في الدولة، وهو سلوك لا يتناسب مع إمكانيات الدولة ولا مع حديث المسؤولين عن ضبط النفقات، ودعوة المواطنين إلى شد الأحزمة، وقد فاقم من خطورة هذا السلوك، أنه تزامن مع تنامي الحديث عن الفساد في إطار الهجوم على مؤسسات الدولة والتطاول على هيبتها، وقد شجع على ذلك عدم تطبيق قوانين النشر، على من يقوم بنشر الأخبار والمقالات عن الفساد دون دليل، وكذلك الحال بالنسبة لمن يتطاول على هيبة الدولة ومؤسساتها، خاصة على المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي. دون أن يتصدى للمتطاولين أحد من شاغلي المواقع القيادية في مؤسسات الدولة، لأنه كما قلت في مقال سابق أن كثيراً مما يتولون المناصب العامة يعتبرونها تشريف لا تكليف ومن ثم فإنهم لا يكلفون أنفسهم عناد الدفاع عن مؤسساتهم وحكومتهم وأدائها، كل ذلك تزامن مع قلة المعلومات لدى الجمهور عن إنجازات الدولة، بسبب ضعف التواصل بين المؤسسات والمواطنين. الناجم عن غياب الخطاب الرسمي المقنع، الذي من شأنه أن يزرع الثقة في نفوس المواطنين، مما تسبب في تحويل الدولة الأردنية إلى دولة مكشوفة الظهر، وهنا تبرز أهمية الأداء الإعلامي للدولة، وهو الأداء الغائب فعلياً منذ سنوات طويلة، ورغم كثرة الحديث عن ضرورة إصلاح الإعلام، ليكون إعلام دولة، فإن شيئاً من ذلك لم يتم، واقتصر الأمر على تبديل أشخاص بأشخاص، دون الالتفات إلى مضامين الرسائل الإعلامية وقد تجلى غياب الإعلام الرسمي وتأثيره بوضوح خلال اعتصامات رمضان في غياب واضح للخطاب الإعلامي الأردني.

لقد تجمعت كل هذه الأسباب لتزيد من غضب الأردنيين الذي أججه إحساسهم بغياب الرؤيا الوطنية الشاملة، والنظر إلى القضايا والقرارات والأحداث من زاوية ضيقة، هي زاوية المصلحة الشخصية أو الفئوية، التي تجعل صاحبها يفقد الحيادية والنزاهة، وخطورة هذه الحالة أنها ساهمت مساهمة كبيره في رفع مستوى التوتر لدى الناس، وعززت لديهم الشعور بالقلق وعدم الرضا. والأخطر من ذلك أنها شرذمت المجتمع وأضعفت علاقته بالدولة وجعلها علاقة مصلحة آنية. من السهل الإنقلاب عليها وهو ما نشهده بصورة شبه يومية، مما سبب انفجار غضب الأردنيين الرمضاني النبيل. الرأي

Bilal.tall@yahoo.com

مدار الساعة ـ