حاول علماء اجتماع وعلم نفس تفكيك ظاهرة البطل في التاريخ وكأن الاختلاف بين مقارباتهم جذريا، فهناك من رأوا ان البطل الحقيقي ليس فردا بل هو اسم مستعار لمجموعات بشرية هي التي تصنع التاريخ، وبالمقابل هناك من انحازوا الى البطولة الفردية، ومن اطرف ما كتب في هذا السياق تساؤلات كاتب فرنسي ومنها ما الذي كان سيحدث لو ان ماركس مات طفلا بالحصبة الالمانية او لو ان تشرتشل تعرض لحادث دهس وهو تلميذ في المدرسة، او لو ان شخصيات مثل ستالين وهتلر وموسوليني لم تولد !
بالطبع ستكون الاجابة على مثل هذه التساؤلات الافتراضية من صميم الخيال التاريخي، فمن يؤمن بدور البطل الفرد سيرى في غياب هؤلاء واقعا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا مختلفا تماما، لكن الاطروحة المضادة للبطولة الفردية يرى اصحابها ان ما يسمى البطل هو مجرد يافطة معلقة على مشهد تاريخي، ولأن الشعوب تبحث دائما عن رموز تتكثف فيها صورتها عن نفسها، فهي في غياب البطل تتجه الى الماضي وتنبش المقابر بحثا عنه، او تستعين بالخيال لتصور بطلا قادما من المستقبل، واحيانا تحاول تعويض غياب البطل بنجوم سواء كانوا من عالم الفنون او الرياضة، وهذا ما افقد الرياضة بالتحديد روحها الحرة في عصرنا، فقد تم تسييسها، والتامل مع المباريات كما لو انها حروب فيها المنتصر والمهزوم، ولهذا السبب تلعب الرايات دورا شبه عسكري في المباريات، وينسى الناس ان الانتصار في مباراة ليس انتصارا في حرب وان الهزائم لا يمكن تعويضها على نحو رمزي.
وستظل موضوعة البطل كظاهرة في التاريخ محورا لسجالات لا تنتهي، ما دام هناك من ينتظرون الخلاص على يد سلفادور مقابل آخرين يرون ان البطولة جماعية وليست حكرا على فرد مهما بلغ من الاستثنائية !!
الدستور