بقلم: خلـود الخطاطـبـة
تخبط نتج عنه أكثر من ستة تعديلات على حكومة الدكتور هاني الملقي التي احتفلت يوم الأربعاء 29 أيار وعلى وقع الإضراب أمام النقابات المهنية بالعام الثاني على أول تشكيل لها، جميع تلك التعديلات أو "الاصلاحات" لم تفلح في اعادة التوازن لحكومة متهالكة، تدير شؤون الوطن من برج عاجي يتصدره وزراء ما فتئوا يصنعون الأزمات بين الشعب والوطن.
حكومة أججت الشارع، وتعاملت مع الشعب بجفاء وعنجهية عبر وزراء لا يتقنون الا طريقة الكلام الصدامية، وهي المسؤولة عما يحدث في الشارع جراء استفزاز الشعب برفع أسعار المحروقات بطريقة أقل ما توصف أنها "رعناء"، وهي حكومة جباية من الطراز الأول وتعتقد أن ادارة الأوطان تتم عبر جداول الموازنات.
حكومة خالفت توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني بتحميلها المواطن وحده تداعيات الإصلاحات المالية، وتهاونت وقصرت في الأداء وتحديدا في الخدمات الأساسية من تعليم وصحة ونقل، ولم تعمل على ايجاد توازن بين مستوى الضرائب ونوعية الخدمات المقدمة للمواطنين، وهو ما دعاها جلالته الى اصلاحه خلال اجتماعه مع مجلس السياسات.
والأهم من هذه كله فإن أداءها السياسي أقل ما يوصف بأنه "ضعيف" وهذه معضلة الحكومات التي يكون "النجم" فيها وزير المالية بحكم موقعه، وخير دليل على قصورها السياسي دفعها بمشروع القانون المعدل للضريبة الى مجلس النواب، دون اجراء حوار وطني حقيقي وفاعل حوله، فهي لا تدرك أهمية إصدار مثل هذا القانون في هذا الظرف العربي والإقليمي وبعد خمسة أشهر على اتخاذها حزمة قرارات برفع الأسعار منها الخبز، ما تسبب بشلل في الحركة التجارية بالسوق وتراجع القدرة الشرائية للمواطن وركود لما يشهده الأردن منذ 10 سنوات.
حكومة لم تلتفت الى أراء أحد، ومنها شخصيات اقتصادية وطنية وازنة انتقدت صيغة التعجيل على قانون الضريبة، ولم تأخذ برأي النقابات المهنية ومؤسسات المجتمع المدني حتى بنتائج أبحاث نفذتها مراكز دراسات حول القانون واعتبرت أن صيغته الحالية غير مناسبة وتحتاج الى دراسة، فهذه الحكومة لا تسمع ولا تقرأ.
حكومة عطلت اعلامها الرسمي كاملا، واعتبرته حقا لها وليس للوطن، وربطته بوزير الدولة لشؤون الاعلام الذي وصف ذات مرة من يقول رأيه بأنه من "أعداء" قانون الضريبة "وهو عدو القانون لأنه متهرب ضريبيا"، ولم يكلف نفسه حتى عناء الاعتذار عن هذه الإساءة، ولا أعرف تعليقه الآن بعد ان رأى بان كل أبناء الوطن من "أعداء" القانون، فهو يجيد الاختباء والصمت عندما يشتد الخطب.
حكومة قررت في ذات يوم أن ترمي نحو 1400 مسن يعانون من مرض السرطان خارج مركز الحسين الذي يتلقون العلاج فيه، الى مستشفيات حكومية لا يتوفر فيها أدنى مستوى من التجهيزات لعلاج هؤلاء المرضى وبهذا الكم، ولولا الضغط الشعبي لنفذت قرارها على المسنين، لكنها اتخذت قرارا لاحقا بحرمان الاردنيين المصابين بالسرطان من العلاج في المركز الذي بنوه بتبرعاتهم، الا المواطن "السوبر".
الأسباب كثيرة لرحيل الحكومة، ليس مشروع قانون الضريبة وحده، وبرحيلها سيهدأ الشارع الذي لن ينتظر الى حين الانتهاء من الحوار حول القانون.