مدار الساعة - لأول مرة منذ سنوات طويلة يظهر مؤشر الحريات الإعلامية في استطلاع رأي الإعلاميين تحسناً لافتاً، حيث وصف 3.9% من الصحفيين الحريات بأنها ممتازة مقارنة بـ 1.5% كانوا يجدونها ممتازة في عام 2016.
وسجل التقرير تطوراً إيجابياً آخر، إذ لم يسجل على جهات إنفاذ القانون ارتكابها لأي اعتداء جسدي عام 2017.
وكشف تقرير حالة الحريات الإعلامية في الأردن لعام 2017 والذي يصدره مركز حماية وحرية الصحفيين عن تزايد إحباط الصحفيين من واقع التشريعات، فقد اعتبر 62% أن القوانين تشكل قيداً على حرية الإعلام.
وساهم المقترح الذي قدمه ديوان التشريع والرأي بتعديل قانون الجرائم الإلكترونية والذي نص على عقوبات سالبة للحرية ورفع قيمة العقوبات المادية وخاصة ما يتعلق بخطاب الكراهية إلى تزايد الاعتقاد عند الإعلاميين بأن التشريعات تفرض قيوداً على حرية التعبير والإعلام.
وكشف التقرير الذي يصدره مركز حماية وحرية الصحفيين بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة ارتفاعاً بنسبة الإعلاميين الذين يفرضون على أنفسهم رقابة ذاتية لتصل إلى أعلى مستوى لها تم تسجيله منذ عام 2014 حيث وصلت نسبتها إلى 94%.
وأظهر التقرير الذي يصدره المركز منذ 17 عاماً تراجعاً في معدلات الانتهاكات الجسيمة المرتكبة من قبل جهات إنفاذ القانون مقابل زيادة في اعتداءات ظهرت من جهات مدنية أبرزها مواطنون مجهولو الهوية، لافتاً إلى أن الحكومة والأجهزة الأمنية لم تتحرك بشكل جاد للوصول إلى هؤلاء المعتدين وملاحقتهم في أكثرية الحالات.
وبين التقرير الذي جاء تحت عنوان "قف" في إشارة واضحة لتكرار منع الصحفيين من التغطية أن ظاهرة اعتداءات المواطنين مجهولي الهوية على الصحفيين قد تزامنت مع تعرض إعلاميين لحملات تحريض وتهديد على وسائل التواصل الاجتماعي.
ولفت إلى أن فريق برنامج "عين" لرصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على حرية الإعلام في الأردن والتابع للمركز وثق 173 انتهاكاً وقعت على 67 صحفياً وإعلامياً ومؤسسة إعلامية واحدة، وذلك من خلال 21 حالة اعتداء على حرية الإعلام وحقوق الإعلاميين، منها 18 حالة فردية و3 حالات جماعية استهدفت عموم الصحفيين.
وأشار إلى أن فريق "عين" تمكن من الوصول إلى الانتهاكات وتوثيقها من خلال 10 استمارات ومعلومات تضمنت ادعاءات بوقوع 52 انتهاكاً، إضافة إلى توثيق 10 حالات من خلال عمليات الرصد تضمنت 118 انتهاكاً، وبلاغ واحد تضمن على 3 انتهاكات.
وأوصى التقرير بملاحقة المعتدين على الإعلاميين وضمان مساءلتهم وفق القانون لمنع ظاهرة الإفلات من العقاب، وتعويض وإنصاف الإعلاميين ضحايا الانتهاكات بما يكفل جبر الضرر المادي والمعنوي.
وطالب بتوفير الحماية للإعلاميين الذين يتعرضون لتهديدات بسبب عملهم الصحفي والوصول للجناة وتقديمهم للعدالة.
وتضمن التقرير بنسخته السابعة عشر نتائج استطلاع رأي الصحفيين عن حالة الحريات الإعلامية الذي يجريه المركز بانتظام كل عام، إضافة إلى عرض وتحليل لواقع شكاوى الصحفيين والانتهاكات الموثقة التي تعرضوا لها خلال العام الماضي.
أعلى معدلات الانتهاكات التي وثقها التقرير هي منع التغطية وحجب المعلومات ويليها انتهاكات حجز الحرية التعسفي والمضايقة والاعتداء الجسدي.
وقال أن تزايد انتهاك منع التغطية جاء بسبب إجراءات وأخطاء ربما يكون بعضها غير ممنهج وغير متعمد مثلما حدث في انتخابات المجالس البلدية واللا مركزية.
وأشار التقرير بتوجهات هيئة الإعلام وتوقفها عن إصدار تعاميم حظر النشر وامتناعها عن تحريك دعاوى قضائية ضد الإعلاميين باسم الحكومة أو الوزراء أو نيابة عن مؤسسات الدولة واعتبر ذلك خطوة إيجابية.
وبين أن نسبة الانتهاكات الجسيمة قد بلغت 12% من مجموع الانتهاكات الكلي وبواقع 21 انتهاكاً تمثلت بالاعتداء الجسدي، الإصابة بجروح، المعاملة القاسية والمهينة، الاعتقال التعسفي ومحاولة الاغتيال التي تعرض لها إعلامي عراقي يعمل مع قناة دويتشه فيلله الألمانية، وتم القبض على الفاعل وحكم بالسجن.
ويرى الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين الزميل نضال منصور في توطئة التقرير أن حرية الإعلام في الأردن عام 2017 شهدت تحسناً طفيفاً في المؤشرات، مشيراً إلى أن "أكثر ما خلق انطباعاً سلبياً وعكر "مزاج" الإعلاميين كان المقترح الذي قدمه ديوان التشريع والرأي لتعديل قانون الجرائم الإلكترونية، وتحديداً إضافة تعريف لخطاب الكراهية لا يتماشى مع ال والتوجهات الدولية، ويشكل أداة ضاغطة على حرية التعبير، ويفرض عقوبات بالسجن وغرامات مالية مبالغاً بها".
وقال منصور "لا نتوقع انقلاباً في مسار الحريات الإعلامية في الأردن بين ليلة وضحاها، فالمضي نحو شعار حرية الإعلام حدودها السماء الذي أطلقه الملك عبدالله الثاني في بداية عهده يحتاج إلى تغيير في بنية عقل الدولة حتى تتقبل وتتعايش مع فكرة أن الإعلام رقيب على السلطات، وليس خادماً لها، وهو عين وصوت المجتمع".