رجل فيه مثل هذه الصفات، التي يتصف بها الدكتور عبد الناصر أبوالبصل، لا نظنه يسلم قيادة للهوى،أو يسلم رقبته للمتربصين وهم كثر، لذلك فأنني أعتقد أن لديه من المبررات الكثير لإصدار قراره المتعلق بصلاة التراويح، وقراره المتعلق بالعاملين في المساجد من غير الأردنيين، وهي المبررات التي كان على بعض المتنطعين الذين سارعوا لمهاجمة الرجل وقراراته أن يتأنوا كثيراً، وأن يتفهموا مبررات الرجل قبل إصدار أحكامهم ومهاجمته،لكن بدلاً من ذلك ذهب بعضهم إلى خانة الافتراء وخانة التجني، فالرجل بموجب كتابه المنشور على وسائل التواصل لم يلزم المصلين بعشرين ركعة، لكنه ألزم الأئمة بذلك، فهذا صلب عملهم، وهذه هي سنة الخلفاء الراشدين،أما المصلين فلهم حرية أداء صلاة التراويح في المساجد بالعدد الذي يريدونه من ركعات هذه السنة التي أجمع الأئمة الأربعة على أنها عشرين ركعة، ومن ثم فإن هذا هو السقف الذي طلب الوزير من كادر الأئمة الالتزام به ولم يفرضه على سائر المصلين مثلما أنه لم يرفع عدد ركعات سنة التراويح كما روج البعض.
ومثلما أن وزير الأوقاف لم يرفع عدد ركعات صلاة التراويح، ولم يلزم المصلين بعدد معين من الركعات،فإنه لم يدعو إلى زيادة النوافل على حساب الفروض، على العكس من ذلك فقد نص قراره على " عدم تضييع صلاة العشاء في الجماعة والاولى لأن المحافظة على الفرض أولى مع مراعاة الإكثار من صلاة النوافل"
أما بالنسبة لموضوع العاملين من غير الأردنيين، والذين استثنى منهم قرار الوزير أبناء غزة وكل من حمل جواز سفر أردني مؤقت، وكذلك الإخوة السوريين، فهو إجراء إداري بحت لا يجوز مناقشته من خلال فذلكات مفادها أن الإسلام لا يعرف الجنسيات والحدود، فهذه الفذلكات تلبيس للإسلام، الذي حفظ لكل الشرائح حقوقها ومميزاتها، فالأقربون أولى بالمعروف لذلك ظل المهاجر مهاجراً، وظل الأنصاري أنصاري، وفي سقيفة بني سعد قال المهاجرون للأنصار منا الأمراء ومنكم الوزراء، وعلى امتداد تاريخ الإسلام احتفظت كل الشعوب التي دخلت الإسلام بجنسياتها وبلغتها، فظل التركي على تركيته والفارسي على فارسيته والهندي على هنديته، وأكثر من ذلك فإن الفقهاء أفتوا بعدم جواز إخراج صدقة الحي أوالقرية إلى حي أوقرية أخرى،إذا كان في الحي أو القرية من هو أحق من هو من خارجها، فلماذا نتناسى هذه الحقائق التاريخية والفقهية عندما يتعلق الأمر بالأردن وسيادته الوطنية، ولماذا يراد للأردنيين أن يقدموا لغيرهم ما هم أولى به، أسئلة كثيرة تثيرها طروحات البعض عندما يتعلق الأمر بالأردن الوطن والدولة وحقها في تنظيم شؤونها.
إن واقعة الاعتراض على قرارات سماحة وزير الأوقاف، تثير من جديد خطر غياب ثقافة التبين المأمور بها شرعا، لأن غياب هذه الثقافة يضع بلدنا في أجواء مشحونة بالشك والكراهية والظلم والإرباك لصانع القرار، وهنا لا بد من القول أن على الحكومة أن تضع نظام للعقوبات تلاحق بموجبه كل موظف أوقسم يتم تسريب وثائق وكتب المؤسسة الرسمية من خلاله، فيتم تشويهها واجتزائها من سياقها العام، مما يربك أداء الدولة فهذا خلل لا بد من معالجته.
إن ما نحتاجه في هذه المرحلة ليس دفاعاً عن عبد الناصر الفقيه العالم، بل دفاعا عن عبد الناصر الوزير و من خلاله عن الأردن الوطن والدولة، التي من حقها أن تنظم شؤون دنياها وفق مصالح أبنائها. الرأي
Bilal.tall@yahoo.com